أحدث صيحات التهويد بالقدس.. أسماء حاخامات بشوارع سلوان

إحدى البؤر الاستيطانية في حي بطن الهوى وسيحمل الشارع اسم حاخام يهودي قريبا
إحدى البؤر الاستيطانية في حي بطن الهوى وسيحمل الشارع اسم حاخام يهودي قريبا

 

 

 

يصل الزائر

إلى حي بطن الهوى في بلدة سلوان صعودا عبر عشرات السلالم، وكلما اقترب من الوصول تصاعد لهاثه لقصر المسافة بينها.

يتنقل ببصره بين المنازل الفلسطينية المكتظة التي تت سم ببساطة البناء، وعن يمينه وشماله في الشوارع الملاصقة للحي يرى جدرانا زُيّنت لاستقبال زائري بيت الله الحرام وثُبّت عليها لافتات تحمل اسم “طريق البستان” ولا يشوه المشهد سوى علم إسرائيلي يتدلى من أعلى بناية استولت عليها الجمعيات الاستيطانية.

تنتهي السلالم الطويلة ويقف الزائر في شارع ضيق مستو يطل على المسجد الأقصى، لا أثر للافتات التي كان يثبتها الاحتلال في شوارع الحي سوى بضع لافتات في أول طريق الحي حملت اسم “حوش مراغة”، ليتبين أن الاحتلال أزال هذه اللافتات تمهيدا لتثبيت لافتات جديدة تحمل أسماء حاخامات يهود.

حركة للمستوطنين
في الشارع الضيق تختلط مشاعر الإنسان ويشعر للحظات بالتيه، ففي حين يستمتع بمراقبة الأطفال المقدسيين وهم يلهون في أزقة الحي ويركضون باتجاه حوانيت البقالة لشراء المثلجات والسكاكر، يعكر صفو سعادته مرور المستوطنين من جميع الأعمار من بؤرة استيطانية إلى أخرى بمرافقة حراس مسلحين.

يذهب بعيدا ويفكر كيف أنه وكل سكان الحي سيشعرون بغربة عميقة رغم تأصلهم في المكان فور إقدام بلدية الاحتلال على تثبيت اللافتات الجديدة في حي بطن الهوى والتي ستحمل أسماء حاخامات يهود يمنيين يدعي الاحتلال أنهم عاشوا في الحي قديما.

وقد صادقت البلدية برئاسة رئيسها موشيه ليؤون قبل أيام على إطلاق أسماء خمسة حاخامات على أزقة في حي بطن الهوى ببلدة سلوان الواقعة جنوب المسجد الأقصى، والأسماء الخمسة هي “عزرات نداحيم” و”هراف مدموني” و”هراف أفراهام ألنداف” و”هراف يحيى يتسحاك هليفي” و”هراف شالوم الشيخ هليفي”.

تأييد واسع
اتُخذ قرار إطلاق التسميات بموافقة ثمانية أعضاء ومعارضة عضوين، كما تُعارض القرار اللجنة المهنية التي تفحص أسماء الشوارع قبل المصادقة عليها، وكتبت اللجنة في قرارها أنه من غير المعقول إطلاق أسماء يهود وحاخامات على شوارع الأحياء التي يسكنها عرب لأن ذلك يخلق توترا.

المسن المقدسي الستيني طه سيف علق على قرار بلدية الاحتلال الجديد بقوله إن حياة المقدسيين في حي بطن الهوى انقلبت رأسا على عقب منذ استيلاء المستوطنين على أول منزل فيه عام 2004، مضيفا “مضايقات يومية نتعرض لها على يد المستوطنين وحراسهم وتتفاقم مع ازدياد البؤر الاستيطانية سنويا”.

وردّ على عزم الاحتلال إطلاق أسماء حاخامات يمنيين على الحي الذي ولد به ويسكنه منذ ستة عقود بقوله “إذا كان هناك من يستحق أن تطلق أسماء الشوارع نسبة له فلدينا مخاتير سلوان أبرزهم سعيد عايد وخليل العباسي.. هؤلاء فقط من نعترف بهم وغيرهم غرباء لا حق لهم في ذرة تراب ببلدة سلوان”.

قرار تعسفي
رئيس لجنة حي بطن الهوى في بلدة سلوان زهير الرجبي قال إن البلدية ثبتت لافتات في شوارع ملاصقة لحي بطن الهوى وحملت اسم طريق البستان وحوش مراغة لكنها تعمدت عدم تثبيت لافتات في الحي، وفوجئ السكان قبل أيام بقرار البلدية التعسفي الجديد.

وتابع الرجبي “منذ صغرنا نعرف أن هذا الحي اسمه بطن الهوى أو الحارة الو

السلالم المؤدية لحي بطن الهوى في بلدة سلوان
السلالم المؤدية لحي بطن الهوى في بلدة سلوان

سطى أو حارة مراغة وفي وزارة الداخلية كتبت الحارة الوسطى وحي مراغة على كثير من هوياتنا الشخصية، أما الآن فيريدون تحريف المسميات وتشويه تاريخ المكان لذا قدمنا اعتراضاتنا للبلدية واستقبلنا المؤسسات الحقوقية وشرحنا لها خطر الإجراء الجديد”.

وأضاف أن هذه الخطوة جاءت إرضاء للمستوطنين الذين استولوا على ست بنايات في الحي تسكنها ثلاثون أسرة يهودية معظمها من المتطرفين، وتجاهلت البلدية ستة آلاف مقدسي في المنطقة ذاتها وهمشتهم بشكل كامل.

غرباء في منازلهم
الباحث في العلاقة بين الهوية والمكان في الأسماء واللغة والأدب عامر دهامشة قال إن هدف لجنة التسميات في البلدية إقصاء عروبة المكان وتهويده عبر إطلاق أسماء حاخامات يمنيين على المكان بحيث تخدم اللافتات ادعاءات المستوطنين وتثبت ملكيتهم في سلوان.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الثقافة الفلسطينية الشعبية غنية جدا بالأسماء التي ورّثها الأجداد للأبناء والأحفاد، لكن المشكلة العميقة تكمن في عدم توثيق هذه الأسماء على الخرائط، وبالتالي لم توثق بشكل رسمي ولم تثبت على لافتات.

وتطرق دهامشة إلى أن الحركة الصهيونية ولجان التسميات اليهودية واعية لأهمية النص وتأثيره بتفكير الفرد، مؤكدا تعمد البلدية عدم وضع أسماء عربية على اللافتات، لأن المقدسيين سيرون فيها إثباتا آخر بحقهم في المكان وهو ما لا تريده البلدية.

طمس الحقوق
وذكر أن “اثنين من الحاخامات اللذين سيثبت اسمهما على اللافتات قدما في الماضي من صنعاء واستقبلهما أهل المدينة بحفاوة وأسكنوهما في المنطقة لفترة مؤقتة حتى غادرا، وبدلا من رد الجميل للمقدسيين تطمس البلدية حقهم بالحي.. تثبيت اللافتات العبرية سيخلق غربة بين المقدسيين والمكان، وعلى العكس سيخلق ألفة بين المستوطنين والمكان”.

وختم دهامشة حديثه للجزيرة نت بقوله إنه لاحظ من خلال أبحاثه اختلافا في التعامل الإسرائيلي مع اللافتات بالقدس.

وخلال إجرائه بحثا عن أسماء اللافتات في كل من الحيين الإسلامي واليهودي وحارتي الأرمن والنصارى، وجد أن الأسماء التي وضعت في حارة اليهود هي أسماء تخص تاريخ اليهود الحديث والقديم، في حين أن الأسماء الموجودة في الحي الإسلامي بالتحديد تعود لتاريخ القرون الوسطى فقط، مما يؤكد أن الأسماء التي أطلقتها البلدية لا تأخذ بالحسبان التاريخ الفلسطيني الحديث ولا الفلسطينيين الذين يعيشون في المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *