قد يتوهم البعض بأن قضية فلسطين هي الغائب الأبرز فيما تشهده المنطقة العربية اليوم من أحداث وأنها قد خسرت حضورها والاهتمام الذي تستحقه على حساب قضايا جديدة فرضت نفسها أخيراً على الساحة ، غير أن هذا التوصيف غير دقيق فقضية فلسطين برغم كل ما يحصل ستبقى تحتل قلب الأحداث التي تشهدها المنطقة .
صحيح أن التفاعلات الجانبية الحاصلة قد غطت على مركز الإهتمام والقلب النابض ولو بصورة شكلية وإعلامية مؤقتة ، غير أن ذلك لا يتعدى أن يكون نشاطا جانبيا ذا صلة وثيقة وعميقة بالقضية المحورية الأم ( القضية الفلسطينية ) والتي منها تستمد بقية القضايا حيويتها وديمومتها وفاعليتها ومبررات بقائها .
لو تمعنا جيدا فيما يجري في منطقتنا وبحثنا عن أسبابه الحقيقية ومسبباته الرئيسية المباشرة وغير المباشرة ، وبطريقة أعمق وأشمل ، وبعيدا عن التبسيط والتسطيح ، لوجدنا قضية فلسطين هي القضية المحورية بل هي كلمة السر في الحل أو العقد ، أو لنقل القاسم المشترك بين كل تلك القضايا والتفاعلات التي تشهدها المنطقة بطريقة أو بأخرى . ولن تجد أي قضية أخرى تمتلك تلك الخاصية أو الصفة بين جميع قضايا المنطقة .
لذا ستظل أية معالجة لأية قضية من قضايا المنطقة تتصف بأنها معالجة هامشية أو جزئية آنية مالم تأخذ بعين الاعتبار إيجاد حلاً شاملاً ومرضياً ونهائياً للقضية الفلسطينية ، وإلا ستضل وقوداً مغذياً لجميع مشاكل المنطقة من اليمن جنوباً وحتى والشام شمالاً وتجنحات المشهد شرقا وغربا في منطقتنا العربية والإسلامية ، سواءً القضايا الملتهبة حاليا ( العراق ، سوريا ، اليمن ) أو المخمودة شكلياً ( أفغانستان ) أو تلك القابلة للانفجار في أية لحظة .
إن قضية فلسطين مهما حاول البعض أن يدعي تهميشها إلا أنها ستضل كلمة السر إذا ما أردنا البحث عن الحل الحقيقي يوما ما ، وحتى ذلك الحين سيظل العالم يعالج الأعراض ويترك الأسباب ، ويحاول إطفاء الحرائق بينما يغض الطرف عن مصدر إشعالها .
* مدير فرع الجمعية بالمكلا