بعد ربع قرن من مقارعة عائلة صيام الفلسطينية في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى القدس لعصابات المستوطنين اليهودية، معركة في محاكم الاحتلال، تنتقل لخوض معركة قسرية في المزاد العلني مع جمعية العاد الاستيطانية المتطرفة.
بدأت الحكاية عام 1990 عندما وافت المنية المسنة المقدسية مريم جلاجل أبو زوير من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى. ووفق بعض ذوبها دخل بُعيد تغسيلها وتحضيرها للدفن ثلاثة أشخاص إلى المغتسل وطبعوا بصمتها على ست أوراق فارغة تعلوها ترويسة باسم كاتب عدل يعيش في أميركا.
تركت المسنة خلفها قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 750 مترا وعلى جزء منها بُني منزل ومخزن صغير، كما تركت خلفها ثمانية ورثة ثلاثة ذكور وخمس إناث تفاجأن بعد سنوات بتحويل جميع أملاك والدتهن لأشقائهن الثلاثة الذين يعيشون في أميركا، ثم بدأت الحصص تتسرب تدريجيا بطرق ملتوية عبر سماسرة حتى وصلت لجمعية العاد الاستيطانية.
وفي عام 1995، تفاجأت بنات مريم وأحفادها من عائلة صيام بمطالبة المستوطنين لهم بإخلاء العقار من المستأجرين تمهيدا لدخوله والاستيلاء عليه، فرفعوا قضية. وبعد سلسلة جلسات اعترف كاتب العدل وأحد السماسرة بتزوير الحقائق والمساهمة في تسريب العقار للمستوطنين.
حكم القاضي حينها بأن البيع ووثيقة التنازل من صاحبة الأملاك باطلة، وعاد البيت للورثة عام 2010، وبعد عامين تفاجأت العائلة مرة أخرى بتقدم جمعية العاد الاستيطانية باستئناف لمحكمة الصلح ادعت فيه أنها اشترت أربع حصص من أملاك الأم تعود للذكور الثلاثة وإحدى الإناث.
من جانبه، قال نهاد صيام (حفيد مريم جلاجل الذي يقارع المستوطنين على حصة والدته أم جواد التي وافتها المنية أيضا عام 2006) ان العائلة خسرت أربع حصص وبقيت أربع أخرى.
وأضاف أن اثنتين من الأربع المتبقية لوالدته وخالته، وهناك اثنتان لخالتين أخريين تعيش إحداهما في الأردن والأخرى في السعودية، مبينا أن ما يسمى حارس أملاك الغائبين وضع يده على الحصتين الأخيرتين وحُوّلتا بقرار من المحكمة للمزاد العلني الذي من المفترض أن يتم يوم الـ 22 من أغسطس/آب الجاري.
وأوضح نهاد صيام، في تصريحات صحفية، أن هناك تخوفات العائلة كبيرة من منافسة المستوطنين في المزاد العلني قائلا إن ما تسمى دائرة أراضي “إسرائيل” عرضت عقار عائلة صيام للمزاد المغلق بين المستوطنين والورثة، “وحددت الحد الأدنى للدفع حوالي نصف مليون شيقل (150 ألف دولار أميركي) إضافة إلى دفع خمسين ألف شيقل (14 ألف دولار أميركي) لخزينة المحكمة”.
والمنزل الذي يصارع المستوطنون العائلة عليه متهالك، بُني عام 1956 وهو بحاجة لترميم عاجل إذ تعيش عائلة صيام تحت سقفه في خطر حقيقي، لكنها ترفض إخلاءه حتى لا يكون فارغا ولقمة سائغة للمستوطنين.
لم تتوان العائلة في إشغال العقار دائما. وقال نهاد صيام “حوّل ابن عمي المخزن المجاور للمنزل لمكتب محاسبة صغير، وبعد فترة انهار سقف المخزن فقررنا تصليحه لنتفاجأ بأننا مطلوبون للمحكمة وحُررت لنا مخالفة بقيمة خمسة آلاف شيقل (1400 دولا أميركي) بحجة تغيير المعالم، بالإضافة لإعلامنا بأننا نحتاج لإذن من المستوطنين في حال قررنا ترميم العقار لأنهم شركاء فيه”.
ولفت صيام إلى أنه وفي حال ذهب نصف العقار للمستوطنين بالإضافة للحصص التي سُربت سابقا، فان جميع أفراد عائلته إما خلف قضبان الاحتلال أو تحت التراب، مضيفا “سيكون الوضع صعبا جدا، نحن عائلة مستهدفة من المستوطنين ومن الحكومة أيضا، وقال لنا أحد الضباط يوما (أنا خلفكم للنهاية سنكسر رؤوسكم حتما)”.
بدوره، قال محامي العائلة وليد زحالقة إن هذه القضية متفرعة وعُمرها طويل بمحكمة الصلح “الإسرائيلية”، مضيفا أنه في حال وقوع خلافات على العقارات المشتركة بين عدة جهات يتم عرضها بالمزاد العلني “وهذا متعارف عليه” في القانون “الإسرائيلي”.
وأكد زحالقة أنه والعائلة رفضوا هذا المسار وسيتقدمون بعدة اعتراضات للمحكمة على المساحة التي ينوي المستوطنون اقتطاعها من العقار، بالإضافة لاعتراض سيقدمه الورثة بأن لهم حق الأولوية فيه لأنهم يحملون الهوية “الإسرائيلية” ومن حقهم أن يحصلوا على الحصص.
ويأمل المحامي تأجيل المزاد العلني من خلال سلسلة إجراءات قضائية، لكنه حذر من أنه في حال تم المزاد سيعرض المستوطنون مبلغا أكبر من عائلة صيام لأن إمكانياتهم المادية أكبر بكثير من العائلة.