فجر يوم 14/7/2017 فوجئت دورية الشرطة التي كانت على باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك بهجوم مسلح، تبين لاحقاً أن عدته كانت بنادق كارلو محلية الصنع، أوقع في صفوفها قتيلين وجريحاً واحداً حسب المصادر الصهيونية، ليتواصل الاشتباك بعدها وينتقل إلى ساحة الأقصى حيث استشهد آخر المهاجمين، وثلاثتهم يحمل اسم “محمد الجبارين”. قرأ الاحتلال في هذه العملية فرصة لتنفيذ طموحه المتصاعد لتغيير الوضع القائم في الأقصى فأغلق المسجد تماماً أمام المصلين ومنع صلاة الجمعة في ذلك اليوم وبدأ يستثمر كثيراً في الخوف الذي كان يتوقع تولده لدى الجمهور المقدسي والفلسطيني والعربي من رد فعله على العملية، وشهدت الساعات الأولى ما بعد العملية ردود فعل مرتجفة من النخب في فلسطين وخارجها التي أثبتت فعلاً وجود مثل هذا الخوف وإمكانية التعويل عليه.
في الساعات الأولى كان واضحاً في القراءة الموضوعية أن الاحتلال يقفز قفزة في الهواء لا يسمح بها ميزان القوى، فهو بالكاد كان قادراً على تمرير أجندة إغلاق المسجد في أعياد اليهود أمام المسلمين وقد كانت محاولاته لفرض ذلك شرارة انطلاق انتفاضة القدس في 1/10/2015، وسرعان ما احتاج بعدها إلى تسوية سياسية تخرجه من مأزقه الذي سببه إغلاق المسجد أمام المسلمين وتخصيصه لليهود في أعيادهم، وقد جاءت تفاهمات كيري بعد أسبوعين من ذلك لتحاول شق طريق الخروج له، وها هو مع بداية الأزمة الحالية يقفز قفزة أكبر بمحاولة وضع المسجد بكامله تحت إدارته، فكان واضحاً أمام هذا التشخيص أنه سيضطر إلى إعادة أجزاء من إدارة المسجد طوعاً وسيضطر إلى إعادتها كاملة إذا ما ووجه بقوة تكرهه على ذلك.
تشكل الهدف المطلبي للهبة:
صباح السبت 15/7 بدأت سلطات الاحتلال بإعادة أجزاء من المسجد إلى إدارة الأوقاف حيث سلمتها مفاتيح المسجد القبلي وقبة الصخرة، وشكل ذلك إشارة إلى أن فكرة الشراكة في إدارة المسجد كانت قيد الدراسة لدى الحكومة الصهيونية، ومع نهاية يوم السبت ركبت قوات الاحتلال بوابات تفتيش إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى لتقول بأنها باتت اليوم المسؤولة عن أمن المسجد، وهو ما يعني ضمناً إلغاء مهمة حراس المسجد الأقصى التابعين للأوقاف والذين يشكلون نصف ملاك دائرة الأوقاف في القدس، وهذا يهمش دور الدائرة ويضع سلطات الاحتلال في موقع الشريك في إدارة المسجد، الوصي على أمنه وحامي حمى المقدسات الإسلامية. على الطرف المقابل بدأت جماهير المقدسيين تستوعب خطورة المشهد وتستجمع قوتها لمواجهته وبدأ المئات من المرابطين الصلاة على أبوابه، وبعد تركيب تلك البوابات مساء السبت تشكل الهدف المطلبي لأولئك المرابطين حين رفضت القيادات الدينية دخول المسجد من تلك البوابات وأخذ المد الشعبي يتصاعد منذراً بحراك شامل جعل الاحتلال يسرّب أنباء عن تفكير في تفكيك البوابات لتلافي زخم الحراك المتوقع يوم الجمعة، إلا أن الحكومة المدفوعة بقناعة أيديولوجية بوجوب بناء المعبد مكان الأقصى -وهي قناعة يتبناها سبعة من وزرائها كموضوع مركزي لأدائهم السياسي- جعلها تتخذ قراراً بالإصرار على تركيب البوابات وإبقائها والتشديد على قدوم المصلين في محاولة لتثبيت قفزتها التي قفزتها في الهواء.
لقراءة التقرير كاملا pdf من هنا: