يرى خبراء ومختصون أن مشروع القطار الهوائي المعلّق (التلفريك)، هو أحد المشاريع والمخططات “الإسرائيلية” الاستيطانية الخطيرة في القدس لتهويد المدينة وطمس معالمها التاريخية، مطالبين منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بتحمل مسؤولياتها تجاه المشروع الذي يهدد تاريخ المدينة، وتراثها الحضاري الإنساني، والتدخل السريع لإيقافه.
وقال الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان، إن مشروع القطار الهوائي المعلق (التلفريك)، أحد المخططات “الإسرائيلية” الاستيطانية الهادفة لتهويد مدينة القدس يلاحظ مباشرة “إسرائيل” مؤخراً تنفيذ العديد من المشاريع الخطيرة، والتي من شأنها تهديد عروبة وتاريخ المدينة وتحاول من خلالها طمس الهوية الحضارية والمعالم التاريخية والدينية الروحية.
وبيّن أن سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” تستمر في سياستها القمعية الشاملة التي تطال الإنسان والجغرافيا داخل الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة وتعتمد السياسة الازدواجية المخادعة المبنية على المواقف المتناقضة، فهي من جهة تعلن للعالم احترامها القانون الدولي وتبنيها للنهج الديمقراطي الحضاري، ومن جهة أخرى تمارس رفضها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والنداءات الإقليمية والعالمية لها بضرورة إيقاف الاعتداءات والانتهاكات اليومية، كما تسارع في تشريعها للكثير من القوانين العنصرية مثل قانون “يهودية الدولة”، وتنفذ مخططها التهويدي للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية عبر العديد من المشاريع التي خصصت لها ملايين الدولارات.
وأوضح أن هذا المشروع (التلفريك) خصصت له ميزانية ضخمة تقدر بحوالي 200 مليون شيكل، ويبلغ طول خطوطه أو كابلاته حولي (1.4) كلم، في حين تبلغ سرعته حوالي (21) كلم في الساعة، ومن المتوقع ان يبدأ التشغيل في سنة 2021.
وقال: “بحسب التبريرات “الإسرائيلية” المزيفة التي تحاول بها شرعنة إجراءاتها فإن الغاية من (التلفريك) الربط بين القدس الغربية بباب المغاربة المدخل الأقرب لحائط البراق، إضافة إلى الادعاء بأنه وسيلة لتنشيط السياحة وجلب ما يزيد عن (130) ألف سائح، مبيناً أن الهدف الحقيقي لهذا المشروع التهويدي هو تعميق السيطرة الإسرائيلية على حوض البلدة القديمة، وتأكيد القدس الكاملة الموحدة عاصمة لـ”إسرائيل” بربط شقيها الشرقي والغربي معاً وإلى زيادة التواجد اليهودي في القدس الشرقية.
وأضاف أن هذا المشروع يعني تدميراً للآثار وللتراث العربي الإسلامي وتشويه معالم المكان وطمس هويته سواء على مستوى سطح الأرض أو الأفق والفضاء الذي يعلو سماء القدس والتي سيخفى القطار جماليتها وصورتها البادية للعيان، وفي هذا مخالفة صريحة لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر القدس مدينة محتلة وضمن قائمة التراث العالمي التي لا يجوز تغيير ملامحها الحضارية، كما سيمنع مشروع القطار الزائر للمسجد الأقصى والبلدة القديمة أثناء طريقه من المرور بالآثار والمعالم الإسلامية والمسيحية، بل يكون ركوبه في التلفريك بديلاً عن الطريق المار بها وبالتالي يمنعه من الشهادة على عروبتها وهويتها والتواصل مع أهلها أصحاب الحق.
وأشار إلى أن هذا المشروع يشكل استكمالاً لسياسة الاحتلال “الإسرائيلي” ومخططاته المتجذرة في بناء الأنفاق والقيام بالحفريات المستمرة تحت المسجد الأقصى، وإقامة المصاعد الكهربائية كبديل للأدراج القديمة الواصلة الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى بالبلدة القديمة.
وأضاف أنه وبالتزامن مع مشروع التلفريك فإن “إسرائيل” نفذت مشروعاً آخر خطر أيضاً هو شارع (رقم 4370) ويسمى الابرتهايد أي الفصل العنصري، الذي يمتد على مسافة حوالي (3.5) كم ويقع بين مفرق التلة الفرنسية وبين النفق المؤدي إلى جبل المشارف (يصل بين مستعمرتي آدم وشارع رقم (1) أو شارع تل أبيب- القدس)، ويتم فصل شقيه بواسطة جدار بارتفاع (8) أمتار تعلوه أسلاك شائكة، ويسعى لعزل خط سير السائقين الفلسطينيين عن خط سير المستوطنين الذين يسمح لهم دخول مدينة القدس، بينما لا يسمح الشارع عبر مساره المخصص للسائقين الفلسطينيين من دخولها.
وأضاف أن هذا المنع والتضييق عزز بوجود وإدارة جيش الاحتلال “الإسرائيلي” له، وتزعم “إسرائيل” أن الشارع سيخدم السكان الفلسطينيين في مخيم شعفاط ويخفف أيضاً من أزمة المرور، علماً بأنها هي من تفتعل أزمات المرور عبر إجراءات الإغلاق والتضييق، إضافة إلى سياستها التهويدية والاحتلالية التي تسعى لفرض سلطتها على الإنسان والأرض بما يخدم مصالحها الاستيطانية، ومما يزيد من المعاناة والألم اليومي لأهل فلسطين والقدس.
وتساءلت اللجنة الملكية لشؤون القدس عن سبب الصمت والسكوت الدولي على ممارسات “إسرائيل”، كما تتساءل إلى متى ستستمر “إسرائيل” في مسلسلات الإجرام المتواصلة بحق الأرض والإنسان والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين والقدس غير آبهة بكل قرارات الشرعية الدولية التي لا تجيز لـ”إسرائيل” (السلطة القائمة بالاحتلال) القيام بتلك الممارسات والاعتداءات.
وبين أن اللجنة الملكية لشؤون القدس تستنكر هذه المشاريع والمخططات التي تشوه جمال وقدسية وتاريخ القدس، كما وتقف خلف القيادة الهاشمية في سعيها المتواصل لوقف هذه الاعتداءات والانتهاكات “الإسرائيلية”، وتضم صوتها للمطالبات الرسمية والشعبية الأردنية والفلسطينية والعربية والإسلامية والعالمية التي تطالب “إسرائيل” بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وتطالب الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي التحرك الفوري والفعّال لدفع منظمة اليونسكو القيام بواجبها بشكل جدي ودون انتظار، لمنع “إسرائيل” من تنفيذ هذه المشاريع التهويدية التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع.
وقال خبير القانون الدولي المحامي انيس فوزي القاسم، انه إلى غاية الآن لم تجد القدس قراراً سياسياً عربياً لتنفيذ الحمايات القانونية بشأنها، كما لم يتم اتخاذ قرارات ذات صبغة تنفيذية لتنفيذ القرارات الدولية والمتعلقة بالقدس.
وبين الباحث في الاقتصاد الفلسطيني محمد قرش أن المشاريع الاستيطانية أثرت على الحركة الاقتصادية لمدينة القدس وعلى التبادل التجاري والاقتصادي بينها وبين باقي مدن الضفة الغربية.
وأشار إلى أن تلك المشاريع من شأنها أن تؤثر على السياحة العربية لمدينة القدس وكذلك على السياحة الداخلية، إذ أنه إضافة لتلك المشاريع فإن السياسات الإسرائيلية التي ينتهجها الكيان الصهيوني، أدت إلى تراجع السياحة العربية بنسبة 70 بالمئة.
وبين أن تلك الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية والمشاريع التي تنفذها، ما هي إلا لطمس هوية المدينة العروبية المقدّسة، وتهجير سكانها الذين يتجاوز عددهم الـ300 ألف نسمة.