على الرغم مما يمر به يمننا الحبيب من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة وما يعانيه شعبنا اليمني المعطاء من ظروف قاسية ، إلا أن كل ذلك لم يكن عائقاً أمامهم ولا يمثل حجر عثرة في طريقهم لنصرة إخوانهم في أرض الإسراء والمعراج لإيمانهم واعتقادهم الجازم بأهمية وعدالة القضية الفلسطينية ، كيف لا وهم من وصفهم النبي عليه الصلاة و السلام بقوله ( أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية ).
بل ووضع لهم وسام العز والشرف بأنهم أهل العطاء والمدد فقال عنهم عليه الصلاة والسلام : ( إن الله استقبل بي الشام وولى ظهري اليمن وقال : يا محمد إني جعلت ما أمامك غنيمة ورزقاً وما خلف ظهرك مددا ) فأهل اليمن أهل الجود والكرم والمدد فقد جعلوا شعارهم قول رب العالمين في محكم التنزيل : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ).
فمساندتهم لإخوانهم في أرض الرباط ناتج من عدة أمور :ـ
أولها : شعورٌ بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل مسلم فهم يعتقدون بأن أرض فلسطين هي أرض كل مسلم وقضيتها هي قضية كل المسلمين ، فهي الأرض المباركة وأرض المحشر والمنشر ومهد الرسالات والمسجد الأقصى هو أرض الإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهو ثالث مسجد لا يجوز شد الرحال إلا إليها كما قال ذلك رسول الله سول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلي ثلاث مساجد المسجد الحرام و مسجدي هذا والمسجد الأقصى ) وهو من المساجد التي تضاعف فيها العبادات وقد صرح بذلك سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام بقوله : ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجدي بألف صلاة ، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة ) هو العهدة العمرية التي حررها جيش المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأصبحت أمانة في أعناق المسلمين جميعاً .
ثانيها : حب تلك البقعة المباركة والشوق إليها من جهة وحب للأجر والثواب المترتب على الوقوف إلى جوار المرابطين هناك على أرض الأقصى ولو فتح المجال لأهل اليمن لشدوا اليه الرحال قبل غيرهم ، ولأنهم لم يستطيعوا الوصول إليه عوضوا عن ذلك باسراج القناديل فيه وكفالة طلاب العلم وحلقات القرآن الكريم بين أعمدته وكفالة ابناء شهدائه الذين قدموا ارواحهم رخيصة من اجله ومشروع البيارق لنقل المصلين من وإلى المسجد الأقصى للرباط حوله وحراسته لإيمانهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أئتوا المسجد الأقصى فصلوا فيه فإن لم تستطيعوا أن تأتوه فأرسلوا بزيت يُسرج في قناديله )
ثالثها : خوفاً من أن يكون شعبنا اليمني المعطاء من المخالفين للمرابطين في المسجد الأقصى أو المتخاذلين عن نصرتهم فإن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خذلهم أو قال من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) قالوا أين هم يا رسول الله ؟ قال : ( في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) فمن وقف إلى جوارهم وناصرهم وآزرهم نال اشرف المجد والرفعة والسؤدد ومن تخلف عن نصرتهم وتباطأ بل وعمل على خذلانهم وتسليمهم للعدو الغاصب فقد باء بالخسران والخساسة والدناءة لأن المعركة محسومة سلفاً والحق منتصر فقد قال عليه الصلاة والسلام ( لتقاتلن اليهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ، إلا شجر الغرقد فهو من شجر اليهود ) فنقول كم من البشر اليوم أصبحوا من شجر الغرقد الذين يحمون اليهود ويدافعون عنهم بل ويحاربون المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ولكن ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
* كتب| عادل عبد الوهاب الجبري مدير فرع جمعية الأقصى بـ إب