يوم الأرض ومسيرات العودة و التطبيع *

يوم الأرض و مسيرات العودة سد منيع أمام التطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني بل ومع الاحتلال الصهيوني لفلسطين والقدس والأقصى.

أحيي الفلسطينيون يوم الأرض”، بمسيرات “العودة المليونية”، التي دعت إليها القوى والفصائل الفلسطينية ، لتأكيد التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ، ضد قرار الرئيس الأميركي الارعن دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة ، عشية ذكرى “النكبة” القادمة.

أقيمت في أرجاء الوطن المحتل أنشطة وفعاليات ذكرى الثلاثين من آذار (مارس) للعام 1976م، بدءا بالمسيرات الجماهيرية الحاشدة التي أنطلقت في عموم فلسطين المحتلة ، وسط إجراءات أمنية إسرائيلية مشددة لقمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة العسكرية العاتية التي انتشرت بكثافة في مختلف مناطق الأراضي المحتلة.

ورفعت “المسيرات” شعار “العودة” ضد مساعي الإدارة الأميركية لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين ، وإسقاط قضية القدس من المفاوضات ، مقابل تأكيد “التمسك بالحقوق الوطنية في إنهاء الاحتلال وتقرير المصير وحق العودة”، للاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194.

وتقاطر الفلسطينيون من عموم الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، بالتوازي مع الأراضي المحتلة العام 1948م ، كما أمتدت الأنشطة صوب فضاءات العالم لتأكيد التمسك بالأرض ومقاومة الاحتلال ، الذي قضم زهاء 67 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة ، لصالح توطين نحو 651 ألف مستوطن ، ضمن 185 مستوطنة.

إن “يوم الأرض يوحد الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه” وتكتسب ذكرى “يوم الأرض” هذا العام بعدا مختلفا ، في ظل السياسة الإسرائيلية الاستيطانية المتواصلة التي أدت إلى تقويض “حل الدولتين”، وقضم المساحة المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية المتصلة فوقها ، بينما أضاف قرار الرئيس ترامب بشأن “الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”، تحديا ثقيلا أمام جهود استئناف العملية السياسية ،

فقد حولت “سلطات الاحتلال 40 % من إجمالي مساحة الضفة الغربية إلى “أراضي دولة” لاتمتلاك ملكية التصرف فيها”، بحسب “الجهاز المركزي للإحصاء” الفلسطيني، الذي قدر “حجمها بنحو 2247 ألف دونم”.

بينما “تستغل سلطات الاحتلال أكثر من 85 % من مساحة فلسطين التاريخية ، البالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع ، حيث لم يتبق للفلسطينيين سوى حوالي 15 % من مساحة الأراضي فقط ، فيما حوالي 48 % من مساحة المستوطنات مقامة على أراض ذات ملكية خاصة للفلسطينيين”.

ويشار إلى أنه منذ العام 1967م؛ تمكنت سلطات الاحتلال ، عبر القتل والتنكيل والعنف ، من “مصادرة نحو أربعة ملايين دونم من أراضي الضفة الغربية ، وهدم نحو 26 ألف منزل فيها بمعدل 500 منزل سنويا”، بحسب دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.

وبموازاة ذلك؛ أحكم الاحتلال سيطرته على مناطق “ج” التي تشكل حوالي 62 % من مساحة الضفة الغربية، وتتمتع بالإمكانات الطبيعية والاقتصادية والاستثمارية، خلافا لمنطقة “أ” التي حصر السلطة الفلسطينية ضمنها ، وهي تضم مساحة المدن والقرى والمخيمات.

ومضى الاحتلال في نهب الموارد الطبيعية لفلسطين المحتله .

إن يوم الأرض هو تمهيد لإحياء ما سيكون أكيد وأهم من ذلك كله وهو التحرير الكامل من الاحتلال وعودة الفلسطينيين في الشتات إلى بلادهم ، قد لا يكون ذلك اليوم غدا أو بعد غد ولكنه أصبح قريب المنال لا نتكلم من باب التفاؤل بل من يقين و اعتقاد والواقع و التحولات في موازين القوة لصالح المقاومة ، وأن تساقطت الأقنعة في التطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني هو بحد ذاته نصر للشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته الباسلة الصامدة الصابرة الواثقة بوعد الله لأن الله لا يخلف وعده ووعده حق ، ان المطبعين العرب مع دولة الاحتلال الصهيوني يلحقهم العار و الخزي في الدنيا والآخرة ويشهد عليهم التاريخ ، أما أحرار العرب و المسلمين والعالم حكام وشعوب الواقفين امام دولة الاحتلال الصهيوني ومناصرين للشعب الفلسطيني يكفيهم فخرا انهم مع الحق ونصرة للمظلومين ، أما الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة يقولون للمطبيعين العرب  إنكم ترونه بعيدا النصر ونراه قريب لنا الفخر والاعتزاز والأجر ولكم الخزي والعار والعقاب .

الله غالب

* إبراهيم إبراهيم عبدالله شريف

رئيس فرع جمعية الأقصى ـ اب

مع أرض الإسراء في الضراء والسراء *

على الرغم مما يمر به يمننا الحبيب من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة وما يعانيه شعبنا اليمني المعطاء من ظروف قاسية ، إلا أن كل ذلك لم يكن عائقاً أمامهم ولا يمثل حجر عثرة في طريقهم لنصرة إخوانهم في أرض الإسراء والمعراج لإيمانهم واعتقادهم الجازم بأهمية وعدالة القضية الفلسطينية ، كيف لا وهم من وصفهم النبي عليه الصلاة و السلام بقوله ( أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية ).

بل ووضع لهم وسام العز والشرف بأنهم أهل العطاء والمدد فقال عنهم عليه الصلاة والسلام : ( إن الله استقبل بي الشام وولى ظهري اليمن وقال : يا محمد إني جعلت ما أمامك غنيمة ورزقاً وما خلف ظهرك مددا ) فأهل اليمن أهل الجود والكرم والمدد فقد جعلوا شعارهم قول رب العالمين في محكم التنزيل : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ).

فمساندتهم لإخوانهم في أرض الرباط ناتج من عدة أمور :ـ

أولها : شعورٌ بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل مسلم فهم يعتقدون بأن أرض فلسطين هي أرض كل مسلم وقضيتها هي قضية كل المسلمين ، فهي الأرض المباركة  وأرض المحشر والمنشر ومهد الرسالات والمسجد الأقصى هو أرض الإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهو ثالث مسجد لا يجوز شد الرحال إلا إليها كما قال ذلك رسول الله سول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلي ثلاث مساجد المسجد الحرام و مسجدي هذا والمسجد الأقصى ) وهو من المساجد التي تضاعف فيها العبادات وقد صرح بذلك سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام بقوله : ( الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجدي بألف صلاة ، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة ) هو العهدة العمرية التي حررها جيش المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأصبحت أمانة في أعناق المسلمين جميعاً .

ثانيها : حب تلك البقعة المباركة والشوق إليها من جهة وحب للأجر والثواب المترتب على الوقوف إلى جوار المرابطين هناك على أرض الأقصى ولو فتح المجال لأهل اليمن لشدوا اليه الرحال قبل غيرهم ، ولأنهم لم يستطيعوا الوصول إليه عوضوا عن ذلك باسراج القناديل فيه وكفالة طلاب العلم وحلقات القرآن الكريم بين أعمدته وكفالة ابناء شهدائه الذين قدموا ارواحهم رخيصة من اجله  ومشروع البيارق لنقل المصلين من وإلى المسجد الأقصى للرباط حوله وحراسته لإيمانهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أئتوا المسجد الأقصى فصلوا فيه فإن لم تستطيعوا أن تأتوه فأرسلوا بزيت يُسرج في قناديله )

ثالثها : خوفاً من أن يكون شعبنا اليمني المعطاء من المخالفين للمرابطين في المسجد الأقصى أو المتخاذلين عن نصرتهم فإن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خذلهم أو قال من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) قالوا أين هم يا رسول الله ؟ قال : ( في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) فمن وقف إلى جوارهم وناصرهم وآزرهم نال اشرف المجد والرفعة والسؤدد ومن تخلف عن نصرتهم وتباطأ بل وعمل على خذلانهم وتسليمهم للعدو الغاصب فقد باء بالخسران والخساسة والدناءة لأن المعركة محسومة سلفاً والحق منتصر فقد قال عليه الصلاة والسلام ( لتقاتلن اليهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ، إلا شجر الغرقد فهو من شجر اليهود ) فنقول كم من البشر اليوم أصبحوا من شجر الغرقد الذين يحمون اليهود ويدافعون عنهم بل ويحاربون المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ولكن ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .

* كتب| عادل عبد الوهاب الجبري                 مدير فرع جمعية الأقصى بـ إب

وعد بلفور الجديـد القديم ” ترامب”

وعد بلفور الجديـد القديم ” ترامب”

في الماضي القريب وعد بلفور ـ وزير خارجية بريطانيا ـ اليهود بوطن قومي وفعلا عملت بريطانيا على تحقيق هذا الوعد ، اليوم الرئيس الامريكي الجديد دولاند ترامب يأتي ومنذ بداية حملته الانتخابية بوعود قاطعة لليهود بنقل سفارة امريكا الى القدس ويؤكد خلال مقابلة مع مراسل صحيفة “اسرائيل اليوم” بوعز بيسموت بعد توليه لمنصبة: “لم انسَ تعهدي بنقل السفارة الامريكية من “تل ابيب” للقدس فبالتأكيد أنا أتذكر ما قلته حيال القدس فأنا شخص معروف بأنني لا أخل بتعهداتي.

نقل السفارة الامريكية الى القدس ليست بالقضية الجديدة كما يظن البعض بل هي موضوع نقاش قديم ، فقد وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش على قرار للكونجرس الأمريكي يوصي بنقل السفارة الأمريكية في الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس، وهي ظاهرة جديدة في تاريخ الدبلوماسية فلم يسبق أن تناول برلمان ما مناقشة موضوع نقل سفارة بلاده من مدينة إلى أخرى وهكذا هي العلاقة الأمريكية مع الدولة العبرية استثنائية في كل شيء.

انه وعد بلفور/ترامب 2017 في الماضي وعد آرثر جيمس بلفور ـ 2 نوفمبر 1917 ـ بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، لكن وعد ترامب يأتي لحشد التأييد الدولي للاعتراف بالقدس عاصمة ابدية لإسرائيل وفرض سيادتها على المدينة المقدسة ، مستهدفاً روح الأمة وقلبها ، يستهدف قبلتها الاولى ومعراج نبيها  ، ومهد الرسالات مدينة السلام .

لم يأتي هذا التوجه منفصلاً انما جاء تتويجا لسلسلة من الاجراءات المدروسة من قبل المؤسسة الصهيونية شملت العمل المستمر على طمس الهوية الاسلامية ومحو معالمها والعمل على فرض واقع جديد في المدينة وتسارع وتيرة الاستيطان ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي و عزل مدينة القدس وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب وتشويه النمط العمراني للقدس العتيقة والقرى الفلسطينية المحيطة ، واغلاق وحظر العديد من الجهات المقدسية وعلى راسها الحركة الاسلامية التي يتراسها الشيخ رائد صلاح ، واما المسجد الاقصى فلم يسلم من تضاعف وتيره الحفريات والاقتحامات والسعي لفرض تقسيم زماني ومكاني ، وصولاً لتجريم المرابطين فيه

وفقًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن يعتبر القسم الشرقي من مدينة القدس ،  منطقة فلسطينية محتلة من قبل “إسرائيل”، في حين يعتبر القانون الدولي القسم الغربي من مدينة القدس “منطقة متنازع عليها” تسيطر عليها “إسرائيل” بالقوة، وبالتالي هي ليست منطقة “إسرائيلية”.

 

وبناء عليه، لا يحق لسلطة الكيان الصهيوني إجراء أي تغيير إداري أو جغرافي في المنطقة المحتلة أو المسيطر عليها بالقوة، ولا يحق له إقامة مؤسساته الرسمية والحكومية أو بناء السفارات والقنصليات عليها، لأنه اعتراف بشرعية المحتل عليها.

ولا اتوقع ان يتم نقل السفارة الأمريكية الى القدس في القريب العاجل ليس خوفاً من موقف العرب الذين أعلنوا في أكثر من مناسبة أن بلدانهم ستقوم بقطع العلاقة الدبلوماسية وكافة العلاقات الأخرى مع أية دولة تقدم على اتخاذ هذه الخطوة ، ومع ذلك يقدمون التنازل تلو التنازل فيما يتعلق بقضية الصراع مع الكيان الصهيوني ، ولكن ستؤجل لوجود تحفظات لدى الجانب الاسرائيلي حيث نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية، في تقرير لها عن “مارك تسل” ـ رئيس فرع الحزب الجمهوري في “إسرائيل ـ  قوله إن المسؤولين “الإسرائيليين” عبروا عن مخاوفهم من التداعيات الأمنية والسياسية التي يمكن أن تسفر عن هذه الخطوة.

وستكشف الايام القادمة حقيقة التوجه الامريكي في ظل ادارة جديدة لكن مما لاشك فيه ان خياراتها الاستراتيجية لن تكون الا مع الطرف الصهيوني والصهيوني فقط ، وعلى العرب والمسلمين البحث وتعزيز نقاط قوتهم ليكونوا قوة يعمل لهم حساب من قبل الانظمة الغربية ، وليخرجوا من عباءة التبعية لهذا او ذاك حتى يكتب لقضاياهم ان ترى افق للحل.

 

* المقال كتب في بداية العام 2017م

لا زالت نيرانه تشتعل؟! كتب| يوسف سعد

48 عاماً منذ ان امتدت ايدي الحقد اليهودي الى الأقصى لإحراقه ومنذ ذلك التاريخ لازالت النيران تشتعل عبر حملات شرسة تزيد وتيرتها من حين لآخر ، ما بين اقتحامات لأفراد من المستوطنين  ثم تطورها الى اقتحامه من قبل شخصيات ورموز يهودية دينية ، وسياسية مرورا بالاقتحامات الجماعية التي اصبحت بشكل يومي ، وقبل هذا وذاك حفر مئات الانفاق تحت اساساته بحثا عن سراب الهيكل المكذوب.

تلك النار التي كان اداة اشعالها اليهودي ” مايكل دينس روهن ” استطاع المقدسيون رغم الامكانات البسيطة والتآمر على الأقصى اطفائها ، لكن النار التي اشعلت في العام 1967 م لازالت تشتعل بل انها كل يوم تتسع رقعتها ويزيد خطرها.

ما حصل اشعل النار في هشيم الامة الاسلامية التي تمر بفترة سبات عميق ، النار التي اتت على اجزاء من الأقصى كانت كفيلة بأن تؤجج مشاعر الغضب والحب للأقصى من جديد ، ولعلها كانت طليعة نشأة الحركة الوطنية الفلسطينية الرافضة لتهويد القدس.

أتت النيران على كامل محتويات الجناح الشرقي  بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين ، الذي يعتبر قطعةً نادرةً ، صنعه “نور الدين زنكي “على أمل أن يضعه في المسجد إذا حرَّره فلما مات قبل تحريره قام “صلاح الدين الأيوبي” بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد تحرير المسجد من دنس الصليبيين كما اتت النار على مسجد “عمر” والجسور الخشبية ومحراب “زكريا” المجاور لمسجد “عمر” وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق بالإضافة الى الجدار الجنوبي و48 نافذة ، والسجاد العجمي .

ان الاقصى كان ولازال وسيظل يحتل مكانة عظيمة في نفس كل مسلم لأن المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه عرج به إلى السماء ، ولأنّ الأقصى أولى القبلتين إذ توجه المسلمون بصلاتهم نحوه بعد رحلة الإسراء والمعراج مدة 16 شهراً، حتى أمر الله تعالى بتغيير القبلة إلى المسجد الحرام ، ولان فيه وفي اكنافه تكون الطائفة الظاهرة على الحق.

باختصار|

تاريخ احراق الاقصى : 21 أغسطس 1969م

اسم منفذ الجريمة : مايكل دينس روهن.

من تداعيات الحريق: عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب.

القدس أيقونة النضال الفلسطيني كتب| وسام زعبر

خمسون سنة مرت على الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس، خمسون سنة وتتعرض لعدوان إسرائيلي استيطاني كولونيالي يسعى لطمس هويتها الوطنية وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وفصلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية لقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

فمن حق كل فلسطيني أن يتساءل، لماذا كل هذه الحشودات الإسرائيلية في شوارع وأحياء مدينة القدس والانتشار الكثيف على أبواب المسجد الأقصى المبارك؟؟، وما الهدف من تركيب البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية والإجراءات العدوانية المتواصلة ضد المقدسيين؟؟.

رب ضارة نافعة، فانفجار الأوضاع في القدس وفي ساحات المسجد الأقصى منذ الرابع عشر من تموز/ يوليو الجاري، لفت أنظار الدول العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم إلى مخاطر ما يحدث في القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وللإجراءات الإسرائيلية الإجرامية التي تكرس المدينة المقدسة أنها عاصمة موحدة لها بتقييد حرية العبادة والصلاة في المسجد الأقصى بزرع بوابات إلكترونية تارة واستبدالها بكاميرات ذكية (خفية) والتفتيش اليدوي بدعوى حماية المصلين. علماً أن الخطر الحقيقي على الشعب الفلسطيني وعلى مدينة القدس هو الاحتلال وإجراءاته العنصرية واقتحاماته لباحات المسجد الأقصى في محاولة بائسة لفرض التقسيم الزماني والمكاني على الأقصى على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي بالخليل.

إن المعتصمين على أبواب المسجد الأقصى كشفوا عن الوجه القبيح والمخزي للأنظمة العربية والإسلامية التي تماطل في عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب أو عقد قمة عربية عاجلة وكذلك منظمة المؤتمر الإسلامي، فيما تتلهف وراء التطبيع وصناعة التحالفات علناً وسراً مع إسرائيل، وتحرف الأنظار عن المشروع الصهيوني الهادف للاستيلاء على القدس والمقدسات فيها.

الأحقية لمدينة القدس والمسجد الأقصى هي للفلسطينيين وحدهم، وهذا ما أقرته الشرائع الدولية والمنظمات الأممية ولا سيما قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي تعتبر القدس مدينة محتلة ويجب سحبها من السيادة الإسرائيلية وكذلك أن المسجد الأقصى وحائط البراق من المقدسات الإسلامية الخالصة وأنه لا علاقة لليهود بهما، وإدانة الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية ضد حرية العبادة ودخول المسلمين للمسجد الأقصى. وربما تعود بنا الذاكرة إلى الهبة الجماهيرية الفلسطينية عام 1929 عندما أكدت لجنة أممية على أن ملكية حائط البراق تعود للفلسطينيين وهو جزء من المسجد الأقصى.

الأحداث الجارية في القدس منذ الرابع عشر من يوليو/ تموز رغم تصاعد عمليات القمع والمداهمة والاعتقال الجماعي والإعدامات اليومية، تؤكد أن الفلسطينيين لهم السيطرة والسيادة على القدس والأقصى مجبرة حكومة الاحتلال على البحث عن طوق نجاة لها بالتراجع عن خطوتها في تقييد حرية العبادة بالأقصى وفرض البوابات الالكترونية. ربما رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو نجح في النزول عن الشجرة بسُلم نجاة في أعقاب حادثة السفارة الإسرائيلية في الأردن، وساعده المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات في التوسط بصفقة بين نتنياهو والعاهل الأردني متجاهلاً السلطة الفلسطينية الذي يقضي بإزالة البوابات الإلكترونية واستبدالها بكاميرات.

إن وزارة الإسكان الإسرائيلية عمدت مؤخراً إلى تبني خطة ذات أثار إستراتيجية لإقامة 110 وحدة سكنية استيطانية شمال شرق القدس توسع حدود المدينة إلى الشرق وتجمع بين حي (النبي يعقوب) ومستوطنة جيفع بنيامين (آدم) التي تقع شرق حدود جدار الفصل العنصري، وهذا المشروع يفصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية ويحول دون إقامة تواصل جغرافي بين أحياء القدس المحتلة عام 1967 وبين محافظة رام الله والبيرة، ما يحول إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967.

الخطة الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس متكاملة وتسير على قدم وساق، حيث صادقت مؤخراً لجنة التشريع في البرلمان (الكنيسيت) الإسرائيلي على مشروع قانون يمنع تقسيم مدينة القدس في التصويت بالإجماع، الذي ينص على منع تقسيم القدس إلا بموافقة 80 عضو كنيسيت حتى لو كان ذلك في إطار عملية السلام مع الفلسطينيين.

وتسعى “إسرائيل” بإحداث تعديل على قانون أساس لإحداث تغيير ديموغرافي كبير في القدس يعمُد لنقل مخيم شعفاط للاجئين وكفر عقب وعناتا (140 ألف مواطن فلسطيني) الذين يتبعون لبلدية القدس ويقعون خلف جدار الضم والتوسع إلى سلطات محلية مستقلة بالمقابل ضم 24 مستوطنة إسرائيلية ( 150 ألف مستوطن إسرائيلي) إلى داخل حدود بلدية القدس بما يضمن سيادة إسرائيلية على المدينة المقدسة.

اللافت أن رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات في شمال الضفة الفلسطينية يوسي دغان نفذ جولة في المدينة القديمة بالقدس المحتلة في مغارة الكتان أو ما تسمى “مغارة صدقياهو” وهي مغارة أثرية تقع أسفل البلدة القديمة وتمتد تحت سورها بين باب العمود وباب الساهرة، بهدف تهويدها.

إن القدس تعيش بين عداء دموي همجي علني، وصراع صامت تهويدي إستراتيجي في تحدٍ سافر لقرارات الأمم المتحدة، دون وضع خطة عربية بشأن المدينة المقدسة، بينما الموقف الرسمي الفلسطيني يظل عجزاً سياسياً قائماً على سياسته الانتظارية بالقيام بخطوات تكتيكية كتجميد العلاقات والتنسيق الأمني مع الاحتلال ودعم مدينة القدس بعشرات الملايين من الدولارات تنتهي بمعالجة مشكلة البوابات والكاميرات الالكترونية وانتهاء الأحداث الملتهبة في القدس، دون القيام بخطوات إستراتيجية لحماية الشعب الفلسطيني في العاصمة الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وتشكيل مرجعية وطنية ائتلافية على قاعدة الشراكة الوطنية الكاملة لمدينة القدس توفر مقومات الصمود للمقدسيين، والشروع الفوري بتطبيق قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته الأخيرة.

على السلطة الفلسطينية أن تعي حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والتهويد التي تتعرض له مدينة القدس والمقدسات فيها على وجه الخصوص، وأن تخرج عن العجز السياسي الذي تعيشه ولا ترضخ للضغوطات الأمريكية التي تهدف لقمع التحركات الشعبية بذريعة فرض التهدئة لإفساح المجال لاستئناف المفاوضات الثنائية وفق شروط غرنبيلات التسعة التي تبرر لـ”إسرائيل” كل إجراءاتها التهويدية والاستيطانية الهادفة للقضاء على الملامح العربية للقدس والمعالم والمقدسات الإسلامية فيها.

لذلك المطلوب من حركة حماس حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وكذلك من السلطة الفلسطينية التحرك نحو تطبيق مخرجات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني المنعقدة بــــ(10-11/1/2017) في بيروت لتجهيز قانون وآليات الذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية وكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بالتمثيل النسبي الكامل، واستئناف المقاومة الشعبية وتطويرها نحو الانتفاضة الشاملة على طريق التحول لعصيان مدني ضد الاحتلال، وتفعيل تدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية في المحافل الدولية.

الفلسطينيون اليوم موحدون في وجه الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تستهدف القدس والمقدسات، وإفشال كافة المخططات الإسرائيلية لتهويدها، مجبرين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التوقف باللعب بالنار بعدما فشل المفاوض الفلسطيني في إرغامه عبر مفاوضات عبثية ضيعت على الشعب الفلسطيني ربع قرن استغلها الاحتلال في التهويد والاستيطان وتمييع الحقوق الوطنية الفلسطينية.

الجمعة “اليتيمة” هل تُسقط البوابات؟ كتب|قتيبة قاسم

لم يكن يخطر على بال المحتل حينما قرر أن ينصب بواباته الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى أن تتجه الأمور إلى ما وصلت إليه، ولعل آخر ما توقعه أن تكون هذه الهبة الجماهيرية المقدسية بامتياز حتى اللحظة والتي بدأت تتصاعد يوماً بعد يوم لتشمل مناطق أوسع، ولعل مَن فكروا بصوت عالٍ ممن فكروا معه أنبأهم أن ضعف الهبة الجماهيرية المساندة لإضراب الأسرى على خجل ستتكرر مع أحداث الأقصى غير أن الميدان الآن يقول بعكس ذلك أو يحاول الانتفاء عنه ولو رويداً.

ردة الفعل الصهيونية التي أعقبت العملية الفدائية لم يكن في حسبانها – أو أنها تجاهلت – بأن الأقصى كان منذ زمن بعيد شرارة البدء لأي تحول واستنهاضٍ في المنطقة وإن كانت تختلف من مرحلة لأخرى إلا أنها كانت عنواناً لهبة النفق ثم ميداناً للانتفاضة الثانية وصولاً إلى انتفاضة القدس التي لا زالت ترخي بظلالها على المشهد بين الحين والآخر وإن شهدت مراحل مد وجزر خلال الأعوام القليلة الماضية.

يتكرر المشهد اليوم بصورة أكبر تطرفاً وحدّة من الجانب الصهيوني والذي لم يكن قد اتخذ قرار التصعيد لوحده ، بل لعل الإشارات الواردة من هنا وهناك تفيد بأن المعركة التي قرر الاحتلال خوضها يتزاحم فيها لنصرته ومساعدته دول عربية وإسلامية أعطت له الضوء الأخضر كي يمضي دون وجل أو حتى انتظار بيان إدانة وتنديد ، وإن كان لا يلقي لها بالاً في سالف الأزمان إلا أنه اليوم يجد نفسه أداةً تنفذ رغبات العرب والمسلمين الذين تكالبوا على الأرض المقدسة وأشعلوا فتيل حرب عربية عربية وفرضوا حصارهم وتحالفاتهم في ملحمة كانت دوافعها ودلالاتها واعتباراتها وتداعياتها فلسطينية بامتياز والبوصلة واضحة لا تكاد تخطئ الأهداف ولا مِن كيّس فطن تخفى عليه ملامحها.

والشاهد في سجلّ الأحداث المتزامنة والمتسارعة تلك التصريحات الصهيونية والأمريكية التي لا تدع مجالاً للشك بأن الأمر أكبر من مساحة القدس وأن الأمر وإن كان امتداداً لسنوات طويلة من العبث بالمقدسات الإسلامية وامتهان كرامة المسلمين عبر مسلسل اقتحامات المستوطنين المتكرر والاعتداءات المتواصلة إلا أنه يحدد معالم فارقة سيُبنى عليها الكثير من الأمور عاجلاً وآجلاً وسيكون لها ما لها في حال تم فرضها الأمر الذي يحتّم على الكل الفلسطيني أن يقف صفاً منيعاً في وجه هذه القرارات التي ما كانت بدايةً إلا جسّ نبض ومحاولةً لرصد ردات الفعل التي لا يضمن الاحتلال وقوفها عند حاجز المسيرات الشعبية أو الاعتصام أمام الأبواب وقد تصل إلى أبعد من ذلك بكثير.

ومع انتقال الأحداث خلال اليوم الأخير لتصل إلى مواجهات عند حاجز عطارة ومدخل بيت لحم الشمالي وبلدة تقوع وعدد آخر من مناطق التماس وبداية تململ طلبة الجامعات في الضفة حيث كانوا على الدوام “دينامو” العمل الوطني فإن الأمر يستدعي الوقوف قليلاً عند محاولات لرسم صورة الوضع الذي قد يغيّر الكثير في هذه المعركة التي لا يجب حصرها في باحات أو ساحات وأطراف المسجد الأقصى بل وتطويرها للوصول إلى الحالة السويّة الواجب أن تكون في مثل هكذا ظروف.

وإن أول ما يخطر بالبال في ظل زحمة ” الشمّاعات” التي يعلّق الكثيرون عليها فشلهم وضعفهم سؤال يتكرر كثيراً عن دور الفصائل الفلسطينية من الأحداث ، تلك الفصائل التي ما توشك أن تحاول النهوض من كبوتها حتى تباغتها ضربات الاحتلال الذي (يجزّ العشب) أولاً بأول في الضفة ثم إنه ليفرض من الحصار والتضييق على غزة ما يدفع إعلان المواجهة من هناك بعد سلسلة الحروب أمراً أشبه بالتهلكة ، وقد تجد أول المنادين لغزة بالتحرك هم أول المنتقدين لها والمتذمرين بزعم أنها تجلب لهم الدمار دون طائل ، ففرضية الفصائل لا بدّ وإسقاطها من العقلية المرحلية كما أسقطها ” الجبارين الثلاثة ” وكثيرون غيرهم طيلة الأعوام الماضية ، إذ أدركوا أن التنظيمات أضحت في واقع الأمر لا تقوى على تحقيق أدنى التطلعات فضلاً عن إصدار البيانات والتي بدورها لا تلاقي الكثير من الأذن الصاغية.

وأثبتت المرحلة التي أعقبت بدء انتفاضة القدس، أن العمل الفردي أنجع بكثير من أي عمل جماعي تكون نهايته المحتومة بالفشل كحال عشرات ومئات الخلايا التي لم تستكمل حتى بناء نفسها في واقع الضفة المعقّد والذي انتهى المطاف بها إلى السجن باكراً.

ثم بالانتقال إلى الدور المنوط بأهل الضفة الغربية وهو الأهم جغرافياً وخصوصاً تلك المناطق التي تجاور القدس عبر بواباتها التي اعتاد المصلون طيلة شهر رمضان عبورها لأداء الصلوات على مدار الشهر الفضيل وكانت تصل إلى أعداد كبيرة جداً ، فالدور لم ينته بعد ، ورمضان لا بد أن يظل حاضراً وقائماً بالروح التي أوقدت الأمل في صدور الفلسطينيين وجمعة يتيمة بعد جمعة إغلاق الأقصى ومنع الأذان فيه تعيد إلى الذاكرة أجواء رمضان وحضوره ، حيث  يفتح الأقصى ذراعيه للناس جميعاً من كل حدب وصوب فالسعي للصلاة هناك في هذا الظرف الأصعب الذي يمر به المسجد الأسير رباط ورسالة تحدٍّ وصمود وفيه من الأجر ما قد يفوق الصلاة عبر كل وسائل الإذلال وتحت قيود المهانة، فلا أقلّ من صلاة على أعتاب القدس والمسجد الأقصى أو إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها ، ولتغلق مساجد الضفة والقدس أبوابها ما دام الأقصى مغلقاً ، وليصلّ الناس في الطرقات وقرب الحواجز ولتكن الجمعة يوم القدس العالمي الحقيقي ، الذي ينتصر فيه الكل الفلسطيني موحداً على كل إجراءات الاحتلال ، جمعة ستكون يتيمة إذا آتت أكلها باكراً وسيحزم المحتل بواباته بعيداً عن الأقصى ولو بعد حين.

وإنه وإن كان يجتمع مئات الألوف وصولاً إلى المسجد الأقصى في كل جمعة رمضانية فهل يعجز الفلسطينيون في جمعتهم هذه على حشد تلك الأعداد، لا سيما أن الأمر لا يتوقف عند أولئك الذين يمتلكون تصاريح الدخول فحسب وإنما يطال الكل الفلسطيني على امتداد خارطة الوطن كلٌّ باستطاعته.

وثمة أمر آخر بدأ المقدسيون بفرضه منذ أيام تجلّت في الرباط على باب الأسباط فإن تكريس مبدأ الاعتصام المبني على البدء التدريجي بالعصيان المدني المكمّل لفكرة إرهاق العدو والضغط عليه من كل النواحي من شانها أن تضغط على الاحتلال ليعيد حساباته لإعادة الوضع على الأٌقل لما قبل حادثة الجمعة إن لم يكن بمقدور ذلك الحد والتخفيف من اقتحامات المستوطنين أيضاً ، فالاعتصام يُنذر بأن الأمر لا يمكن احتماله من قبل الاحتلال طالما بقي المعتصمون لأطول وقت ممكن ، وفي أكثر من محور وشارع ، ثم إن صلاة الجمعة على الحواجز والطرقات ومداخل القدس ستساهم بشكل كبير في رفع مستوى الإرباك لدى الاحتلال الذي ظن ولا زال يظنّ بأن الحراك الثوري الفلسطيني ما عاد يصحو من غفوته وكبوته.

وقبل الوصول إلى الجمعة التي بدأ التحضير إليها في كل الأرض الفلسطينية ثمّة أمر لا يقل أهمية عن كل هذا سيدفع المحتل إلى محاولات كسر كل الحراك المتصاعد من خلال نزعٍ مؤقت لفتيل الأزمة بالسماح للمصلين بالدخول إلى الأقصى عبر البوابات لكن مع عدم تفعيلها وأن يكون ذلك ليوم الجمعة فقط، الأمر الذي لا بد أن يكون واضحاً بأن الحلول الوسط وأي رضى بأي حل لا يشمل إزالة كل البوابات ورفض الدخول عبرها سيجعل من إزالتها لاحقاً أمراً مستحيلاً.

كما أن المحتل بدأ يروّج الكثير من تلك الأخبار التي من شأنها إحباط كل محاولات الانتفاض وكسر الجمود، فادّعى أن اقتحامات المستوطنين توقفت هي الأخرى في الوقت الذي شهدت فيه تصاعدًا كبيرًا، بل وكانت المشاهد والرسائل المصورة التي بثّها العديد من المستوطنين من داخل المسجد الأقصى أظهرت ارتياحاً كبيراً لدى أولئك المقتحمين الذين قالوا بأن الاقتحام هذه الأيام دون قيود وتضييقات من شرطة الاحتلال وإنما المزيد من التسهيلات وذلك في محاولة أخرى للاستفزاز.

سيكون الأقصى هو اليتيم حقاً إذا ما شهدت الجمعة أي حراك حقيقي، أو إذا بقيت القدس أسيرة ” الهاشتاغات ” و”اللايكات” ولتكن الجمعة يتيمة بأن تكون حاسمة وفاصلة ولا حاجة بعدها لنا بجمعة أخرى إذ سيتحقق الهدف لا محالة ولو بعد حين.

معركة بوابات الأقصى: جدواها ومآلاتها كتب| زياد ابحيص

لن ندخل من البوابات الإلكترونية، البوابات لأ.. موقف أعلنه المقدسيون ومن شاركهم الرباط من الفلسطينيين، فما جدواه؟ وما أفق المعركة الجارية على معركة الأقصى وما قيمتها بالنسبة لنا؟

ماذا يعني رفض الدخول من البوابات؟

يسعى الاحتلال الصهيوني إلى تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، ونقله بالتالي من كونه مقدّساً إسلامياً خالصاً، إلى خانة “الاشتراك” بين اليهود والمسلمين، وهذه الأجندة متدرّجة في الصعود والتقدم، يتبناها بشكل علني 7 وزراء في حكومة نتنياهو الذي يؤيدهم ويدعمهم مع تجنبه المشاركة معهم في الاقتحام والتجييش المباشر، وتتبناها كهدفٍ مركزي لها كتلةٌ من 14 نائباً في الكنيست، ويحظون بدعم وتأييد أحزاب اليمين الحاكمة كلها.

في الطريق إلى تحقيق هدفه هذا، يحاول نتنياهو وحكومته استغلال كل فرصةٍ مواتية لفرض واقعٍ جديد في المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما فعلوه عقب عملية الجبارين عند باب الأسباط، إذ وضع بواباتٍ إلكترونية داخل المسجد، ما يعني أن من يدير المسجد عملياً من داخله هو الحكومة الصهيونية، ملغياً بذلك معنى وجود جهازٍ من حرّاس المسجد الأقصى المبارك، وليصبح بالتالي شريكاً للأوقاف في إدارة المسجد من الداخل. صحيح أن جنود الاحتلال كانوا موجودين على أبواب المسجد من قبل، ويمنعون الناس من الدخول على الأبواب، لكن ذاك كان منعاً سياسياً يصعب على حكومة الاحتلال الدفاع عنه، جنود يمنعون الناس من حقهم، أما بوجود البوابات، فالمنع سيصبح باسم حماية المسجد وأمنه، وسيُمسي نتنياهو إذن حامي حمى المقدّسات، أو خادم ثالث الحرمين يا رعاك الله!

رفض الدخول من البوابات يعني ببساطة رفض إضفاء شرعيةٍ إسلامية على هذا العدوان بما فيه من وضاعةٍ وتدليس، تضع الحكومة الصهيونية في موقع الوصاية على مقدّساتٍ إسلامية، وهو أمر لم تجرؤ عليه بريطانيا بعظمتها حين احتلت القدس وكانت تحتل معها نصف العالم، إذ اضطرت لاستحداث المجلس الإسلامي الأعلى عام 1921 وتسليمه للمفتي لاحقاً وتسليم شؤون الأقصى الأوقاف والمقدّسات إليه.

تحاول حكومة الاحتلال تسويق أجندة تقسيم المسجد الأقصى من موقع الضحية: أن اليهود لا يطالبون بالاستيلاء على المسجد، بل يطالبون فقط بحصةٍ فيه يحققون فيها تقديسهم للمكان، هم يطالبون بمجرد “الاشتراك” بينما يتبنى المسلمون موقفاً متعصباً، يحرصون فيه على “احتكار” المسجد لهم. في ظل خطابٍ كهذا، يحرص الاحتلال على الابتعاد عن صورة الاستيلاء التي لن يجد لها تأييداً حتى عند كبار داعميه، والأسوأ أنها تنهي بالنسبة له أفق التطبيع مع القوى العربية والإسلامية، فهي حتى وإن أحبت ستكون عاجزة عن مد اليد إليه وهو يضع يده على أقدس المقدسات ويسلمها للمستوطنين اليهود صباح مساء.

رفض الدخول من البوابات يعني ترك حكومة الاحتلال على الشجرة التي صعدتها، لقد فرضت تغييراتٍ من جانبٍ واحد، وفرضت نفسها مديراً للأقصى، ودون إضفاء مشروعيةٍ إسلاميةٍ على إجراءاتها ستفقد فكرة الشراكة، وستكون مضطرةً للتراجع أملاً في فرصةٍ أخرى قادمة.

هل نترك الأقصى وحيداً؟

هنا سؤال يخطر لكل مؤمنٍ تربطه بالأقصى عاطفة حبٍّ، يشفق على المسجد وهو يراه فارغاً، أحد المساجد الثلاثة الأقدس بلا صلاةٍ ولا جماعة. لكن الخيار في الأساس: هو بين قبول تقسيم المسجد لإدخال الناس إليه، أو تركه فارغاً لأيام أو لأسابيع حمايةً لهويته. أكنت ترضى أن تتقاسم بنوة ابنك مع السجان مقابل أن يسمح لك بزيارته؟ إن كنت ترضى فادخل عبر البوابات.

هنا يمسي مفهوماً تعمّد الاحتلال إدخال المقتحمين وتصويرهم منفردين، ليستثير في محبي الأقصى عاطفتهم ليندفعوا وراءها، فيكسب إضفاء الشرعية على تقاسمه للمسجد معهم.

هدفنا الذي نريد:

هذه معركة قامت لسببٍ محدد، ولا بد أن يكون لها هدفٌ محدد تسعى إليه، والهدف ببساطة استعادة المسجد بكامل صلاحيات الإدارة والحراسة كما كان ليلة الجمعة 14/7/2017 قبل عملية الجبّارين، ويجب أن يضاف إليه إلغاء كافة قوائم المنع، ففي هذه الغضبة الجماهيرية فرصة مناسبة لاستعادة ما انتزعه الاحتلال لنفسه من قبل، أن يتحكم بمن يدخل ومن لا يدخل في الأقصى.

هل ميزان القوى يسمح بذلك، لنجيب على السؤال: هل يحتمل الصهاينة حراكاً جماهيرياً مستمراً على مدى أسابيع؟ هل يحتملون تطوره إلى مقاومةٍ منظمة تستخدم كل ما بيدها من أدوات جماهيرية؟ هل يحتملون نشأة قيادة موحدة للدفاع عن المقدسات؟ هل يحتملون صناعة التحامٍ جماهيري بين القدس والأراضي المحتلة عام 1948؟ هل يحتملون انضمام الضفة إليه لو بعملياتٍ فردية؟ أم هل يحتملون احتمال اشتعال ثلاث جبهات. كل هذه خيارات يمكن أن تتطور إليها الأمور على الجبهة الفلسطينية، وهي خيارات محمودة لو حصلت، بل إننا نريدها ونبحث عنها بشدة لنتخلص من تبعات حقبة أوسلو الكارثية وثمارها المرة في التنسيق الأمني وتكبيل يد الفعل الفلسطيني، لكن الاحتلال ليس لمصلحته أن يقع أي واحد منها.

باختصار، نحن لسنا في عجلةٍ من أمرنا، ولتتفاعل معركة الأقصى ولتصل إلى حيث تصل.

هل تراجع الاحتلال في موضوع الأقصى من قبل؟

نعم، في شهر 3/2007 شرع بشكلٍ مفاجئٍ بهدم تلة المغاربة، وأمام غضبة المقدسيين وأهل الأرض المحتلة عام 1948 لم يتمكن من استكمال عمليات الهدم، وما يزال حتى الآن يحاول بشكلٍ تدريجي استكمال ما بدأه حينها قبل 10 سنوات، لكنه لم يكتمل، اما في 10/2012 حاول الاحتلال بناء جسرٍ جديد دائم إلى باب المغاربة ينطلق من ساحة البراق، وأمام الحراك الشعبي العربي قبل المقدسي، أعلن مكتب نتنياهو وقف الأعمال في الليلة التي كان مقرراً البدء بها. في شهر 10/2015 حاول الاحتلال فرض التقسيم الزماني التام، وأمام انطلاق انتفاضة الأقصى عاد ليستنجد بالأمريكان ليساعدوه عبر تفاهمات كيري التي حاولت احتواء الوضع مع ترجيحٍ نسبي لكفته، ليعود ويلتف حول مأزقه بحظر الرباط والحركة الإسلامية لقتل الروح الشعبية التي هدّدته، ويواصل محاولاته للتقسيم من جديد.

كيف يمكن أن يتطوّر المشهد؟

هذه المواجهة أصعب من سابقاتها، فالاحتلال وضع تغييراً ملموساً، وإزالته ستكون هزيمةً ملموسة، سيحاول تجنبها بكل السبل، وهو لن يقبل بها قبل أن يجرّب كل ما في جعبته: من تنكيلٍ بالمرابطين واستخدامٍ للقوة والبطش، من إصاباتٍ واعتقالاتٍ وشهداء، سيعمد إلى رؤوس هذا الحراك ليدفعوا ثمناً غالياً له، ويبحث عن قادةٍ مستعدين لقبول البوابات فيقبل بالتفاهم معهم ليفرضهم على الجمهور ممثلين له، وعلينا إذن أن نستعد لمواجهةٍ قد تطول، وأن ندرك أن أخبار النصر السريع تضر معركتنا هذه وتصيبها في مقتل، بل قد يتعمّد الاحتلال تسريبها لإضعاف التحرك الجماهيري.

لكن إذا ما استمرّ الحراك وكانت الأعداد تتزايد يوماً بعد يوم، فلا مفر أمام الاحتلال من التراجع، وقد يكون قبوله بتحطيم هذه البوابات بيد المصلين دون أن يعيد نصبها الشكل الأقرب إلى تحقيق ذلك، والشكل الذي ينبغي التطلع إليه.

ماذا نحتاج للانتصار في معركة البوابات:

أولاً: نحتاج إلى مدٍّ جماهيري دائم، فهذا الأقصى رمز قضيتنا وكرامتنا ووجودنا، وكل إصابةٍ أو جرحٍ لا بد أن يضيف إلى المد الجماهيري روحاً جديدة.

ثانياً: استثمار الجمعة: عندما يخرج الجميع نحو الأقصى في القدس والضفة والداخل المحتل ستخلق حالة ضغطٍ كبيرة على كل قطاعات الجيش التي تحاول قطع الطريق، وسيضطرون إلى ترك عددٍ أكبر يمر لإدارة هذا الضغط، ومع حلول وقت الصلاة ستتحول كل نقطة عبور تجمع عندها الناس نقطة مواجهةٍ مناسبة، فتنتشر المعركة على البوابات من باب الأسباط إلى كل حاجزٍ وشارع.

ثالثاً: قيادة موحدة للدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات: لتمنع الاحتلال من شق الصف، ومن فرض قيادةٍ تقبل البوابات وصيةً على الجماهير التي ترفضها، وتجعل توجيه المعركة بيد قيادةٍ جماعية فلا تتبعثر الجهود، ولا يتمكن المحتل من فتح أبوابٍ جانبية هنا وهناك. هذه القيادة لا تقتصر على من شابت منهم الرؤوس مع الاحترام والتقدير، لا بد لشبابٍ من القدس والداخل أن يبادروا ويسدوا الفراغ الكبير القائم.

رابعاً: حسن إدارة المعركة: المواجهة الجماهيرية تتطلب وعياً في اختيار المكان، وهنا لا بد من خوض المواجهة ضمن طوقين على الأقل: طوق عند أبواب المسجد الأقصى في أزقة البلدة القديمة، وهي مساحات محدودة تعين الاحتلال على المطاردة أحياناً، لكنها تعين المرابطين على المناورة وعلى سد الطرقات، وعلى مستوىً أوسع من حول البلدة القديمة، على أبوابها أو في الأحياء الأوسع في وادي الجوز وسلوان ورأس العامود أو حتى على النطاق الأبعد؛ حتى لا يطمئن الاحتلال إلى أنه يواجه حالةً محصورة لا تعيق سيطرته على مناحي الحياة خارجها.

خامساً: الدعم العربي: وهو ركن محدود حتى الآن، وإذا كان النظام الرسمي العربي مهترئاً، فالأقصى عنوان الوجدان الشعبي، والمظاهرات في عمان احتشدت منذ اليوم الأول من الأزمة وكذلك في الرباط يوم الأحد، وهي ستحتشد الجمعة القادمة في أكثر من عاصمة عربية رغم الجراح الكبيرة في هذه الشعوب، ورغم الأسى والمرارة من محدودية هذا الدعم، إلا أن هذه المحدودية لا تلغي أفق الانتصار في هذه المعركة.

قضية فلسطين .. الحاضر الغائب |محمد احمد بالطيف*

قد يتوهم البعض بأن قضية فلسطين هي الغائب الأبرز فيما تشهده المنطقة العربية اليوم من أحداث وأنها قد خسرت حضورها والاهتمام الذي تستحقه على حساب قضايا جديدة فرضت نفسها أخيراً على الساحة ، غير أن هذا التوصيف غير دقيق فقضية فلسطين برغم كل ما يحصل ستبقى تحتل قلب الأحداث التي تشهدها المنطقة .

صحيح أن التفاعلات الجانبية الحاصلة قد غطت على مركز الإهتمام والقلب النابض ولو بصورة شكلية وإعلامية مؤقتة ، غير أن ذلك لا يتعدى أن يكون نشاطا جانبيا ذا صلة وثيقة وعميقة بالقضية المحورية الأم ( القضية الفلسطينية ) والتي منها تستمد بقية القضايا حيويتها وديمومتها وفاعليتها ومبررات بقائها .

لو تمعنا جيدا فيما يجري في منطقتنا وبحثنا عن أسبابه الحقيقية ومسبباته الرئيسية المباشرة وغير المباشرة ، وبطريقة أعمق وأشمل ، وبعيدا عن التبسيط والتسطيح ، لوجدنا قضية فلسطين هي القضية المحورية بل هي كلمة السر في الحل أو العقد ، أو لنقل القاسم المشترك بين كل تلك القضايا والتفاعلات التي تشهدها المنطقة بطريقة أو بأخرى . ولن تجد أي قضية أخرى تمتلك تلك الخاصية أو الصفة بين جميع قضايا المنطقة .

لذا ستظل أية معالجة لأية قضية من قضايا المنطقة تتصف بأنها معالجة هامشية أو جزئية آنية مالم تأخذ بعين الاعتبار إيجاد حلاً شاملاً ومرضياً ونهائياً للقضية الفلسطينية ، وإلا ستضل وقوداً مغذياً لجميع مشاكل المنطقة من اليمن جنوباً وحتى والشام شمالاً وتجنحات المشهد شرقا وغربا في منطقتنا العربية والإسلامية ، سواءً القضايا الملتهبة حاليا ( العراق ، سوريا ، اليمن ) أو المخمودة شكلياً ( أفغانستان ) أو تلك القابلة للانفجار في أية لحظة .

إن قضية فلسطين مهما حاول البعض أن يدعي تهميشها إلا أنها ستضل كلمة السر إذا ما أردنا البحث عن الحل الحقيقي يوما ما ، وحتى ذلك الحين سيظل العالم يعالج الأعراض ويترك الأسباب ، ويحاول إطفاء الحرائق بينما يغض الطرف عن مصدر إشعالها .
* مدير فرع الجمعية بالمكلا