الجمعة “اليتيمة” هل تُسقط البوابات؟ كتب|قتيبة قاسم

لم يكن يخطر على بال المحتل حينما قرر أن ينصب بواباته الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى أن تتجه الأمور إلى ما وصلت إليه، ولعل آخر ما توقعه أن تكون هذه الهبة الجماهيرية المقدسية بامتياز حتى اللحظة والتي بدأت تتصاعد يوماً بعد يوم لتشمل مناطق أوسع، ولعل مَن فكروا بصوت عالٍ ممن فكروا معه أنبأهم أن ضعف الهبة الجماهيرية المساندة لإضراب الأسرى على خجل ستتكرر مع أحداث الأقصى غير أن الميدان الآن يقول بعكس ذلك أو يحاول الانتفاء عنه ولو رويداً.

ردة الفعل الصهيونية التي أعقبت العملية الفدائية لم يكن في حسبانها – أو أنها تجاهلت – بأن الأقصى كان منذ زمن بعيد شرارة البدء لأي تحول واستنهاضٍ في المنطقة وإن كانت تختلف من مرحلة لأخرى إلا أنها كانت عنواناً لهبة النفق ثم ميداناً للانتفاضة الثانية وصولاً إلى انتفاضة القدس التي لا زالت ترخي بظلالها على المشهد بين الحين والآخر وإن شهدت مراحل مد وجزر خلال الأعوام القليلة الماضية.

يتكرر المشهد اليوم بصورة أكبر تطرفاً وحدّة من الجانب الصهيوني والذي لم يكن قد اتخذ قرار التصعيد لوحده ، بل لعل الإشارات الواردة من هنا وهناك تفيد بأن المعركة التي قرر الاحتلال خوضها يتزاحم فيها لنصرته ومساعدته دول عربية وإسلامية أعطت له الضوء الأخضر كي يمضي دون وجل أو حتى انتظار بيان إدانة وتنديد ، وإن كان لا يلقي لها بالاً في سالف الأزمان إلا أنه اليوم يجد نفسه أداةً تنفذ رغبات العرب والمسلمين الذين تكالبوا على الأرض المقدسة وأشعلوا فتيل حرب عربية عربية وفرضوا حصارهم وتحالفاتهم في ملحمة كانت دوافعها ودلالاتها واعتباراتها وتداعياتها فلسطينية بامتياز والبوصلة واضحة لا تكاد تخطئ الأهداف ولا مِن كيّس فطن تخفى عليه ملامحها.

والشاهد في سجلّ الأحداث المتزامنة والمتسارعة تلك التصريحات الصهيونية والأمريكية التي لا تدع مجالاً للشك بأن الأمر أكبر من مساحة القدس وأن الأمر وإن كان امتداداً لسنوات طويلة من العبث بالمقدسات الإسلامية وامتهان كرامة المسلمين عبر مسلسل اقتحامات المستوطنين المتكرر والاعتداءات المتواصلة إلا أنه يحدد معالم فارقة سيُبنى عليها الكثير من الأمور عاجلاً وآجلاً وسيكون لها ما لها في حال تم فرضها الأمر الذي يحتّم على الكل الفلسطيني أن يقف صفاً منيعاً في وجه هذه القرارات التي ما كانت بدايةً إلا جسّ نبض ومحاولةً لرصد ردات الفعل التي لا يضمن الاحتلال وقوفها عند حاجز المسيرات الشعبية أو الاعتصام أمام الأبواب وقد تصل إلى أبعد من ذلك بكثير.

ومع انتقال الأحداث خلال اليوم الأخير لتصل إلى مواجهات عند حاجز عطارة ومدخل بيت لحم الشمالي وبلدة تقوع وعدد آخر من مناطق التماس وبداية تململ طلبة الجامعات في الضفة حيث كانوا على الدوام “دينامو” العمل الوطني فإن الأمر يستدعي الوقوف قليلاً عند محاولات لرسم صورة الوضع الذي قد يغيّر الكثير في هذه المعركة التي لا يجب حصرها في باحات أو ساحات وأطراف المسجد الأقصى بل وتطويرها للوصول إلى الحالة السويّة الواجب أن تكون في مثل هكذا ظروف.

وإن أول ما يخطر بالبال في ظل زحمة ” الشمّاعات” التي يعلّق الكثيرون عليها فشلهم وضعفهم سؤال يتكرر كثيراً عن دور الفصائل الفلسطينية من الأحداث ، تلك الفصائل التي ما توشك أن تحاول النهوض من كبوتها حتى تباغتها ضربات الاحتلال الذي (يجزّ العشب) أولاً بأول في الضفة ثم إنه ليفرض من الحصار والتضييق على غزة ما يدفع إعلان المواجهة من هناك بعد سلسلة الحروب أمراً أشبه بالتهلكة ، وقد تجد أول المنادين لغزة بالتحرك هم أول المنتقدين لها والمتذمرين بزعم أنها تجلب لهم الدمار دون طائل ، ففرضية الفصائل لا بدّ وإسقاطها من العقلية المرحلية كما أسقطها ” الجبارين الثلاثة ” وكثيرون غيرهم طيلة الأعوام الماضية ، إذ أدركوا أن التنظيمات أضحت في واقع الأمر لا تقوى على تحقيق أدنى التطلعات فضلاً عن إصدار البيانات والتي بدورها لا تلاقي الكثير من الأذن الصاغية.

وأثبتت المرحلة التي أعقبت بدء انتفاضة القدس، أن العمل الفردي أنجع بكثير من أي عمل جماعي تكون نهايته المحتومة بالفشل كحال عشرات ومئات الخلايا التي لم تستكمل حتى بناء نفسها في واقع الضفة المعقّد والذي انتهى المطاف بها إلى السجن باكراً.

ثم بالانتقال إلى الدور المنوط بأهل الضفة الغربية وهو الأهم جغرافياً وخصوصاً تلك المناطق التي تجاور القدس عبر بواباتها التي اعتاد المصلون طيلة شهر رمضان عبورها لأداء الصلوات على مدار الشهر الفضيل وكانت تصل إلى أعداد كبيرة جداً ، فالدور لم ينته بعد ، ورمضان لا بد أن يظل حاضراً وقائماً بالروح التي أوقدت الأمل في صدور الفلسطينيين وجمعة يتيمة بعد جمعة إغلاق الأقصى ومنع الأذان فيه تعيد إلى الذاكرة أجواء رمضان وحضوره ، حيث  يفتح الأقصى ذراعيه للناس جميعاً من كل حدب وصوب فالسعي للصلاة هناك في هذا الظرف الأصعب الذي يمر به المسجد الأسير رباط ورسالة تحدٍّ وصمود وفيه من الأجر ما قد يفوق الصلاة عبر كل وسائل الإذلال وتحت قيود المهانة، فلا أقلّ من صلاة على أعتاب القدس والمسجد الأقصى أو إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها ، ولتغلق مساجد الضفة والقدس أبوابها ما دام الأقصى مغلقاً ، وليصلّ الناس في الطرقات وقرب الحواجز ولتكن الجمعة يوم القدس العالمي الحقيقي ، الذي ينتصر فيه الكل الفلسطيني موحداً على كل إجراءات الاحتلال ، جمعة ستكون يتيمة إذا آتت أكلها باكراً وسيحزم المحتل بواباته بعيداً عن الأقصى ولو بعد حين.

وإنه وإن كان يجتمع مئات الألوف وصولاً إلى المسجد الأقصى في كل جمعة رمضانية فهل يعجز الفلسطينيون في جمعتهم هذه على حشد تلك الأعداد، لا سيما أن الأمر لا يتوقف عند أولئك الذين يمتلكون تصاريح الدخول فحسب وإنما يطال الكل الفلسطيني على امتداد خارطة الوطن كلٌّ باستطاعته.

وثمة أمر آخر بدأ المقدسيون بفرضه منذ أيام تجلّت في الرباط على باب الأسباط فإن تكريس مبدأ الاعتصام المبني على البدء التدريجي بالعصيان المدني المكمّل لفكرة إرهاق العدو والضغط عليه من كل النواحي من شانها أن تضغط على الاحتلال ليعيد حساباته لإعادة الوضع على الأٌقل لما قبل حادثة الجمعة إن لم يكن بمقدور ذلك الحد والتخفيف من اقتحامات المستوطنين أيضاً ، فالاعتصام يُنذر بأن الأمر لا يمكن احتماله من قبل الاحتلال طالما بقي المعتصمون لأطول وقت ممكن ، وفي أكثر من محور وشارع ، ثم إن صلاة الجمعة على الحواجز والطرقات ومداخل القدس ستساهم بشكل كبير في رفع مستوى الإرباك لدى الاحتلال الذي ظن ولا زال يظنّ بأن الحراك الثوري الفلسطيني ما عاد يصحو من غفوته وكبوته.

وقبل الوصول إلى الجمعة التي بدأ التحضير إليها في كل الأرض الفلسطينية ثمّة أمر لا يقل أهمية عن كل هذا سيدفع المحتل إلى محاولات كسر كل الحراك المتصاعد من خلال نزعٍ مؤقت لفتيل الأزمة بالسماح للمصلين بالدخول إلى الأقصى عبر البوابات لكن مع عدم تفعيلها وأن يكون ذلك ليوم الجمعة فقط، الأمر الذي لا بد أن يكون واضحاً بأن الحلول الوسط وأي رضى بأي حل لا يشمل إزالة كل البوابات ورفض الدخول عبرها سيجعل من إزالتها لاحقاً أمراً مستحيلاً.

كما أن المحتل بدأ يروّج الكثير من تلك الأخبار التي من شأنها إحباط كل محاولات الانتفاض وكسر الجمود، فادّعى أن اقتحامات المستوطنين توقفت هي الأخرى في الوقت الذي شهدت فيه تصاعدًا كبيرًا، بل وكانت المشاهد والرسائل المصورة التي بثّها العديد من المستوطنين من داخل المسجد الأقصى أظهرت ارتياحاً كبيراً لدى أولئك المقتحمين الذين قالوا بأن الاقتحام هذه الأيام دون قيود وتضييقات من شرطة الاحتلال وإنما المزيد من التسهيلات وذلك في محاولة أخرى للاستفزاز.

سيكون الأقصى هو اليتيم حقاً إذا ما شهدت الجمعة أي حراك حقيقي، أو إذا بقيت القدس أسيرة ” الهاشتاغات ” و”اللايكات” ولتكن الجمعة يتيمة بأن تكون حاسمة وفاصلة ولا حاجة بعدها لنا بجمعة أخرى إذ سيتحقق الهدف لا محالة ولو بعد حين.

الكويت تدعو لجلسة طارئة للبرلمان العربي لبحث انتهاكات الاحتلال ضد “الأقصى” البرلمان العربي

دعا رئيس مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي مرزوق الغانم اليوم إلى عقد جلسة طارئة للاتحاد البرلماني العربي لبحث تداعيات الموقف المتصاعد في مدينة القدس والانتهاكات الصهيونية المستمرة لحرمة المسجد الأقصى.

جاء ذلك في رسالة بعث بها الغانم إلى رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي، بحسب وكالة الانباء الكويتية.

وقال الغانم في رسالته إنه “بالنظر إلى استمرار العدو الإسرائيلي في انتهاك حرمة المسجد الأقصى ومنع شعبنا الفلسطيني من الدخول إليه والصلاة فيه وفي ظل استمرار سلطات الاحتلال في ممارسة كل أنواع الغطرسة والاستبداد بحق أشقائنا الفلسطينيين أتوجه إلى معاليكم بضرورة طلب عقد جلسة طارئة للاتحاد البرلماني العربي في المملكة المغربية الشقيقة أو في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة وفي أقرب فرصة ممكنة”.

وأضاف أن “الهدف من عقد الجلسة الطارئة يتمثل في تدارس الموقف الخطير المتصاعد في القدس والسعي إلى الاتفاق على خطوات عملية سياسية ودبلوماسية وشعبية تستهدف الدوائر العربية والإسلامية والقارية والدولية التي من شأنها الضغط بقوة على سلطات الاحتلال لوقف ممارساتها الجائرة والمناقضة لكل القوانين والأعراف الإنسانية الدولية”.

وشدد الغانم على أنه “من غير المقبول ونحن ممثلي الشعوب العربية أن نقف مكتوفي الأيدي ودون مبادرة للتحرك باتجاه نصرة أهلنا في فلسطين”.

“جمعية الاقصى ـ اليمن” امعان الاحتلال بغطرسته بحق الأقصى لن يوقفه الا موقف عربي موحد

نتابع في جمعية الاقصى بقلق بالغ الاعتداءات الظالمة على المسجد الأقصى وروّاده وحرّاسه في حملة استهداف لم يشهد لها المسجد مثيلًا منذ نحو خمسين عامًا.

ولأول مرة منذ 1969م  يقدم الاحتلال على اغلاقه تماما بوجه المصلين  ، ويمارس التنكيل والبطش بحقّ المصلين الذين أدّوا الصلوات بالقرب منه ، وفتّش كل مكاتب دائرة الأوقاف الكائنة في الأقصى وخرب بعض مرافق المسجد، واستولى على مفاتيح جميع أبواب المسجد، ونصب كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية للتفتيش في أرجاء المسجد.

اننا نؤكد ان مدينة القدس تنفرد بمكانة خاصة لما لها من مكانة روحية لدى المسلمين في جميع انحاء العالم ، كما يكن لها العرب أهمية سياسية قومية هي امتداد للقضية الفلسطينية عامة في كافة أبعادها القومية والدولية، السياسية والدينية.

وأكدت الجمعية تمادي سلطات الاحتلال بانتهاكاتها اليومية الفاضحة للأقصى على مرأى العالم أجمع، مبينة أن نوايا حكومة الاحتلال اتضحت بالسيطرة الكاملة وفرض السيادة الصهيونية على المسجد، وتحويله إلى كنيس يؤدون فيه طقوسهم الدينية.

ولم تبدأ إجراءات الاحتلال ضدّ الأقصى منذ أيام فقط، إنما هي امتداد للتصعيد الممنهج الذي تشترك فيه جميع اجهزة الاحتلال بهدف فرض السيطرة على الأقصى وطمس الهوية الاسلامية والعربية من المدينة المقدسة.

وقد تكثفت موجات اقتحام الأقصى حتى بلغ عدد المتطرفين الذين اقتحموه خلال شهر يونيو الماضي ما يقرب من  1391 متطرفًا، مع ملاحظة أنّ جُلّ هذه الاقتحامات تمت في شهر رمضان بلا احترام لحرمة الشهر والمسجد، وقد رافق بعضَها استعمالُ مكبرات الصوت. وبلغ صلف المستوطنين الذين يقتحمون الأقصى بحماية شرطة الاحتلال أنْ أقدموا على تنفيذ عقد قِران داخل المسجد .

وعليه فالجمعية تؤكد الاتي:

اولاً: المسجد الأقصى تراث اسلامي ومكان مقدس للمسلمين لا سيادة اسرائيلية عليه.

ثانياً: نرفض نصب البوابات الإلكترونية الإسرائيلية على أبواب الأقصى أو أي إجراءات إسرائيلية أمنية بديلة عن البوابات، ونحذر من الالتفاف على مطالب المقدسيين والأمة.

ثالثاً: ندعو أهلنا في القدس وكل فلسطين وكل أبناء الأمة وأحرار العالم إلى مواجهة أي خطوات “إسرائيلية” تهدف إلى الانتقام من أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948، أو فرض واقع احتلالي جديد على الأقصى يصبح بموجبه الاحتلال هو الجهة الوحيدة المتحكمة بمصيره وشؤونه، وندعو الجميع إلى بذل كل الجهود واستثمار فرصة المشاعر المتأججة في نفوس أحرار الأمة للضغط على الاحتلال وكل من يدعمه لإجباره على رفع يده بالكامل عن الأقصى، وعدم التدخل في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية، الجهة الحصرية المشرفة عليه”.

 

إنّ مصير المسجد الأقصى لا يحدده الاحتلال، بل يحدده موقف الأمة بكلّ مكوناتها ومستوياتها، وإنّ هذا الاحتلال الغاشم لهو أضعف من أن يقف في وجه موجة رفض عارمة تنطلق من كل أنحاء الأمة، وتوصل رسالة واضحة للاحتلال بأنّ أولى القبلتيْن، وثاني المساجد التي وضعت على الأرض، وثالث المساجد قدسية في العالم، ومسرى النبيّ محمدٍ عليه الصلاة والسلام، أبعد من أن يسيطر عليه الاحتلال ما دام في عروق أحرار الأمة دماء تنبض بالكرامة.

مواجهات عقب مظاهرات “نصرة للأقصى” في القدس وبيت لحم

أصيب عدد من المتظاهرين في مواجهات مع قوات الاحتلال في مخيم قلنديا شمال شرقي القدس المحتلة، وعلى المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، حيث أطلق قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط تجاه المتظاهرين ما أدى لإصابة عدد منهم.

فعلى المدخل الشمال لمدينة بيت لحم، انطلقت مظاهرة دعت لها حركة فتح، نصرة للمسجد الأقصى، حيث وصلت المظاهرة للمدخل الشمال للمدينة عند البؤرة الاستيطانية المعروفة بقبة راحيل، ودارت مواجهات عنيفة أصيب خلالها عدد من الشبان والمتضامنين الأجانب.

وذكر مراسلنا أن قوات الاحتلال اعتقلت شابين بالإضافة لمتضامن أجنبي، خلال المواجهات.

كما اندلعت مواجهات عنيفة بين عشرات الشبان في مخيم قلنديا شمال شرقي القدس المحتلة وقوات الاحتلال.

وذكر مراسلنا أن عشرات الشبان خرجوا في مسيرة نصرة للأقصى تجاه حاجز قلنديا، فيما دارت مواجهات أطلقت خلالها قوات الاحتلال النار لتفريق المتظاهرين، ما أدى لإصابة 3 متظاهرين على الأقل بالرصاص الحين وصفت جراحهم بالمتوسطة.

معركة بوابات الأقصى: جدواها ومآلاتها كتب| زياد ابحيص

لن ندخل من البوابات الإلكترونية، البوابات لأ.. موقف أعلنه المقدسيون ومن شاركهم الرباط من الفلسطينيين، فما جدواه؟ وما أفق المعركة الجارية على معركة الأقصى وما قيمتها بالنسبة لنا؟

ماذا يعني رفض الدخول من البوابات؟

يسعى الاحتلال الصهيوني إلى تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، ونقله بالتالي من كونه مقدّساً إسلامياً خالصاً، إلى خانة “الاشتراك” بين اليهود والمسلمين، وهذه الأجندة متدرّجة في الصعود والتقدم، يتبناها بشكل علني 7 وزراء في حكومة نتنياهو الذي يؤيدهم ويدعمهم مع تجنبه المشاركة معهم في الاقتحام والتجييش المباشر، وتتبناها كهدفٍ مركزي لها كتلةٌ من 14 نائباً في الكنيست، ويحظون بدعم وتأييد أحزاب اليمين الحاكمة كلها.

في الطريق إلى تحقيق هدفه هذا، يحاول نتنياهو وحكومته استغلال كل فرصةٍ مواتية لفرض واقعٍ جديد في المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما فعلوه عقب عملية الجبارين عند باب الأسباط، إذ وضع بواباتٍ إلكترونية داخل المسجد، ما يعني أن من يدير المسجد عملياً من داخله هو الحكومة الصهيونية، ملغياً بذلك معنى وجود جهازٍ من حرّاس المسجد الأقصى المبارك، وليصبح بالتالي شريكاً للأوقاف في إدارة المسجد من الداخل. صحيح أن جنود الاحتلال كانوا موجودين على أبواب المسجد من قبل، ويمنعون الناس من الدخول على الأبواب، لكن ذاك كان منعاً سياسياً يصعب على حكومة الاحتلال الدفاع عنه، جنود يمنعون الناس من حقهم، أما بوجود البوابات، فالمنع سيصبح باسم حماية المسجد وأمنه، وسيُمسي نتنياهو إذن حامي حمى المقدّسات، أو خادم ثالث الحرمين يا رعاك الله!

رفض الدخول من البوابات يعني ببساطة رفض إضفاء شرعيةٍ إسلامية على هذا العدوان بما فيه من وضاعةٍ وتدليس، تضع الحكومة الصهيونية في موقع الوصاية على مقدّساتٍ إسلامية، وهو أمر لم تجرؤ عليه بريطانيا بعظمتها حين احتلت القدس وكانت تحتل معها نصف العالم، إذ اضطرت لاستحداث المجلس الإسلامي الأعلى عام 1921 وتسليمه للمفتي لاحقاً وتسليم شؤون الأقصى الأوقاف والمقدّسات إليه.

تحاول حكومة الاحتلال تسويق أجندة تقسيم المسجد الأقصى من موقع الضحية: أن اليهود لا يطالبون بالاستيلاء على المسجد، بل يطالبون فقط بحصةٍ فيه يحققون فيها تقديسهم للمكان، هم يطالبون بمجرد “الاشتراك” بينما يتبنى المسلمون موقفاً متعصباً، يحرصون فيه على “احتكار” المسجد لهم. في ظل خطابٍ كهذا، يحرص الاحتلال على الابتعاد عن صورة الاستيلاء التي لن يجد لها تأييداً حتى عند كبار داعميه، والأسوأ أنها تنهي بالنسبة له أفق التطبيع مع القوى العربية والإسلامية، فهي حتى وإن أحبت ستكون عاجزة عن مد اليد إليه وهو يضع يده على أقدس المقدسات ويسلمها للمستوطنين اليهود صباح مساء.

رفض الدخول من البوابات يعني ترك حكومة الاحتلال على الشجرة التي صعدتها، لقد فرضت تغييراتٍ من جانبٍ واحد، وفرضت نفسها مديراً للأقصى، ودون إضفاء مشروعيةٍ إسلاميةٍ على إجراءاتها ستفقد فكرة الشراكة، وستكون مضطرةً للتراجع أملاً في فرصةٍ أخرى قادمة.

هل نترك الأقصى وحيداً؟

هنا سؤال يخطر لكل مؤمنٍ تربطه بالأقصى عاطفة حبٍّ، يشفق على المسجد وهو يراه فارغاً، أحد المساجد الثلاثة الأقدس بلا صلاةٍ ولا جماعة. لكن الخيار في الأساس: هو بين قبول تقسيم المسجد لإدخال الناس إليه، أو تركه فارغاً لأيام أو لأسابيع حمايةً لهويته. أكنت ترضى أن تتقاسم بنوة ابنك مع السجان مقابل أن يسمح لك بزيارته؟ إن كنت ترضى فادخل عبر البوابات.

هنا يمسي مفهوماً تعمّد الاحتلال إدخال المقتحمين وتصويرهم منفردين، ليستثير في محبي الأقصى عاطفتهم ليندفعوا وراءها، فيكسب إضفاء الشرعية على تقاسمه للمسجد معهم.

هدفنا الذي نريد:

هذه معركة قامت لسببٍ محدد، ولا بد أن يكون لها هدفٌ محدد تسعى إليه، والهدف ببساطة استعادة المسجد بكامل صلاحيات الإدارة والحراسة كما كان ليلة الجمعة 14/7/2017 قبل عملية الجبّارين، ويجب أن يضاف إليه إلغاء كافة قوائم المنع، ففي هذه الغضبة الجماهيرية فرصة مناسبة لاستعادة ما انتزعه الاحتلال لنفسه من قبل، أن يتحكم بمن يدخل ومن لا يدخل في الأقصى.

هل ميزان القوى يسمح بذلك، لنجيب على السؤال: هل يحتمل الصهاينة حراكاً جماهيرياً مستمراً على مدى أسابيع؟ هل يحتملون تطوره إلى مقاومةٍ منظمة تستخدم كل ما بيدها من أدوات جماهيرية؟ هل يحتملون نشأة قيادة موحدة للدفاع عن المقدسات؟ هل يحتملون صناعة التحامٍ جماهيري بين القدس والأراضي المحتلة عام 1948؟ هل يحتملون انضمام الضفة إليه لو بعملياتٍ فردية؟ أم هل يحتملون احتمال اشتعال ثلاث جبهات. كل هذه خيارات يمكن أن تتطور إليها الأمور على الجبهة الفلسطينية، وهي خيارات محمودة لو حصلت، بل إننا نريدها ونبحث عنها بشدة لنتخلص من تبعات حقبة أوسلو الكارثية وثمارها المرة في التنسيق الأمني وتكبيل يد الفعل الفلسطيني، لكن الاحتلال ليس لمصلحته أن يقع أي واحد منها.

باختصار، نحن لسنا في عجلةٍ من أمرنا، ولتتفاعل معركة الأقصى ولتصل إلى حيث تصل.

هل تراجع الاحتلال في موضوع الأقصى من قبل؟

نعم، في شهر 3/2007 شرع بشكلٍ مفاجئٍ بهدم تلة المغاربة، وأمام غضبة المقدسيين وأهل الأرض المحتلة عام 1948 لم يتمكن من استكمال عمليات الهدم، وما يزال حتى الآن يحاول بشكلٍ تدريجي استكمال ما بدأه حينها قبل 10 سنوات، لكنه لم يكتمل، اما في 10/2012 حاول الاحتلال بناء جسرٍ جديد دائم إلى باب المغاربة ينطلق من ساحة البراق، وأمام الحراك الشعبي العربي قبل المقدسي، أعلن مكتب نتنياهو وقف الأعمال في الليلة التي كان مقرراً البدء بها. في شهر 10/2015 حاول الاحتلال فرض التقسيم الزماني التام، وأمام انطلاق انتفاضة الأقصى عاد ليستنجد بالأمريكان ليساعدوه عبر تفاهمات كيري التي حاولت احتواء الوضع مع ترجيحٍ نسبي لكفته، ليعود ويلتف حول مأزقه بحظر الرباط والحركة الإسلامية لقتل الروح الشعبية التي هدّدته، ويواصل محاولاته للتقسيم من جديد.

كيف يمكن أن يتطوّر المشهد؟

هذه المواجهة أصعب من سابقاتها، فالاحتلال وضع تغييراً ملموساً، وإزالته ستكون هزيمةً ملموسة، سيحاول تجنبها بكل السبل، وهو لن يقبل بها قبل أن يجرّب كل ما في جعبته: من تنكيلٍ بالمرابطين واستخدامٍ للقوة والبطش، من إصاباتٍ واعتقالاتٍ وشهداء، سيعمد إلى رؤوس هذا الحراك ليدفعوا ثمناً غالياً له، ويبحث عن قادةٍ مستعدين لقبول البوابات فيقبل بالتفاهم معهم ليفرضهم على الجمهور ممثلين له، وعلينا إذن أن نستعد لمواجهةٍ قد تطول، وأن ندرك أن أخبار النصر السريع تضر معركتنا هذه وتصيبها في مقتل، بل قد يتعمّد الاحتلال تسريبها لإضعاف التحرك الجماهيري.

لكن إذا ما استمرّ الحراك وكانت الأعداد تتزايد يوماً بعد يوم، فلا مفر أمام الاحتلال من التراجع، وقد يكون قبوله بتحطيم هذه البوابات بيد المصلين دون أن يعيد نصبها الشكل الأقرب إلى تحقيق ذلك، والشكل الذي ينبغي التطلع إليه.

ماذا نحتاج للانتصار في معركة البوابات:

أولاً: نحتاج إلى مدٍّ جماهيري دائم، فهذا الأقصى رمز قضيتنا وكرامتنا ووجودنا، وكل إصابةٍ أو جرحٍ لا بد أن يضيف إلى المد الجماهيري روحاً جديدة.

ثانياً: استثمار الجمعة: عندما يخرج الجميع نحو الأقصى في القدس والضفة والداخل المحتل ستخلق حالة ضغطٍ كبيرة على كل قطاعات الجيش التي تحاول قطع الطريق، وسيضطرون إلى ترك عددٍ أكبر يمر لإدارة هذا الضغط، ومع حلول وقت الصلاة ستتحول كل نقطة عبور تجمع عندها الناس نقطة مواجهةٍ مناسبة، فتنتشر المعركة على البوابات من باب الأسباط إلى كل حاجزٍ وشارع.

ثالثاً: قيادة موحدة للدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات: لتمنع الاحتلال من شق الصف، ومن فرض قيادةٍ تقبل البوابات وصيةً على الجماهير التي ترفضها، وتجعل توجيه المعركة بيد قيادةٍ جماعية فلا تتبعثر الجهود، ولا يتمكن المحتل من فتح أبوابٍ جانبية هنا وهناك. هذه القيادة لا تقتصر على من شابت منهم الرؤوس مع الاحترام والتقدير، لا بد لشبابٍ من القدس والداخل أن يبادروا ويسدوا الفراغ الكبير القائم.

رابعاً: حسن إدارة المعركة: المواجهة الجماهيرية تتطلب وعياً في اختيار المكان، وهنا لا بد من خوض المواجهة ضمن طوقين على الأقل: طوق عند أبواب المسجد الأقصى في أزقة البلدة القديمة، وهي مساحات محدودة تعين الاحتلال على المطاردة أحياناً، لكنها تعين المرابطين على المناورة وعلى سد الطرقات، وعلى مستوىً أوسع من حول البلدة القديمة، على أبوابها أو في الأحياء الأوسع في وادي الجوز وسلوان ورأس العامود أو حتى على النطاق الأبعد؛ حتى لا يطمئن الاحتلال إلى أنه يواجه حالةً محصورة لا تعيق سيطرته على مناحي الحياة خارجها.

خامساً: الدعم العربي: وهو ركن محدود حتى الآن، وإذا كان النظام الرسمي العربي مهترئاً، فالأقصى عنوان الوجدان الشعبي، والمظاهرات في عمان احتشدت منذ اليوم الأول من الأزمة وكذلك في الرباط يوم الأحد، وهي ستحتشد الجمعة القادمة في أكثر من عاصمة عربية رغم الجراح الكبيرة في هذه الشعوب، ورغم الأسى والمرارة من محدودية هذا الدعم، إلا أن هذه المحدودية لا تلغي أفق الانتصار في هذه المعركة.

القدس تشتعل.. عشرات الإصابات بمواجهات عنيفة مع الاحتلال

أصيب مساء أمس الثلاثاء، عشرات المواطنين في مواجهات عنيفة اندلعت في مناطق متفرقة بالقدس المحتلة، بدأت بقمع الاحتلال المصلين في باب الأسباط أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.

فقد أصيب عشرات المعتصمين، جراء قمع الاحتلال الصهيوني المصلين عند باب الأسباط بالقدس، بعد صلاة عشاء اليوم الثلاثاء، بينهم خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري.

وأفاد الهلال الأحمر، بنقل 14 إصابة إحداها حرجة جدا إلى مشفى المقاصد بالقدس المحتلة لتلقي العلاج، فيما قال إنه تعامل مع أكثر من 20 إصابة ميدانيا.

وأضاف الهلال في بيان مقتضب أن الاحتلال هاجم طواقمه الطبية بالقنابل الغازية، والهراوات.

وقالت مصادر إعلامية، إن قرابة 3 آلاف مصلٍّ أدوا صلاة العشاء، عند باب الأسباط، قبل أن تقوم قوات الاحتلال بقمعهم بالرصاص المطاطي والقنابل والهراوات.

وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز، والرصاص المطاطي تجاه المصلين، فور انتهاء صلاة العشاء، ما أدى لإصابة عدد كبير منهم، بينهم خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، وأحد الصحفيين.

كما أفادت مصادر محلية بإصابة شاب مقدسي بجراح خطيرة، نقل إلى المشفى لتلقي العلاج.

وأشارت المصادر إلى أن المواجهات وإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الغازية والصوتية، استمر إلى وقت متأخر، فيما قامت النسوة بتوزيع الماء على الشبان المنتفضين.

وفي سياق المتابعة، توسعت المواجهات، لتشمل حارات في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وبلدات في المدينة المحتلة.

وأوضحت المصادر أن بعض أزقة البلدة القديمة من المدينة تشهد مواجهات عنيفة بعد اعتداء قوات الاحتلال على العديد من المصلين خلال تأديتهم صلاة العشاء على العديد من أبواب الأقصى بالضرب والقنابل الصوتية، ما أدى لإصابة عدد منهم.
كما اعتقلت قوات الاحتلال العديد من الشبان، وأبعدتهم عن مداخل الأقصى، خلال مشاركتهم في الاعتصامات الجارية، ومحاولتهم منع قوات الاحتلال من الاعتداء على النساء المعتصمات على المداخل.

كما أفاد مراسلنا، بأن مواجهات اندلعت في باب حطة، ومناطق سلون، والرام، ومخيم شعفاط، وبلدة العيزرية، وأبو ديس في القدس المحتلة.

وأوضح أن المواجهات تحتدم في هذه المناطق، وسط استنفار صهيوني كبير.

وفي السياق ذاته، أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بأن 16 مواطنا أصيبوا، في مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة.

وأوضحت أنها تعاملت مع 11 إصابة بالغاز المسيل للدموع، و3 بالأعيرة النارية، إضافة لإصابتين بحروق في المواجهات المتواصلة في العيزرية.

وأفادت مصادر مقدسية بإصابة 3 مواطنين في مواجهات في بلدة الرام شمال القدس، وصفت جراحهم بالمتوسطة.

وكان مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ عكرمة صبري، دعا مساء أمس، المقدسيين إلى النفير العام نصرة للمسجد الأقصى، وذلك يوم الجمعة القادم.

وتأتي دعوة الشيخ صبري هذه في ظل الإجماع العام على رفض الشعب الفلسطيني لنصب قوات الاحتلال بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، وبالتالي رفض الدخول إلى الأقصى من خلال هذه البوابات.

وقد احتشد الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني لأداء الصلاة، مساء، على طول الطريق الممتدة بين باب الأسباط حتى باب حطة، إضافة إلى الميدان المشرف على موقف الأوقاف.

وأكدت مصادر صحفية أن الأعداد المحتشدة في تزايد مستمر، كما شهدت المنطقة وجودًا لشخصيات لم تكن موجودة بالأمس.

وعلم أن قوات الاحتلال بدأت تعزز وجودها في المنطقة، وتدفع بالمزيد من الوحدات حول الشبان المعتصمين.

وتتواصل لليوم الرابع على التوالي، اعتصامات الفلسطينيين؛ رفضا لدخول المسجد الأقصى المبارك عبر البوابات الإلكترونية.

 

لأول مرة منذ 48 عاماً.. إغلاق “الأقصى” يفجّر الغضب ودعوات للمواجهة

لأول مرة منذ عام 1969، تتّخذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي خطوات تصعيدية “غير مسبوقة” ضد المسجد الأقصى، وتقرّر إغلاقه بشكل كامل، وتمنع إقامة الصلاة فيه، كردٍّ أولي على “عملية الأقصى”، التي أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين، ومقتل شرطيين إسرائيليين، في اشتباك مسلّح بالقرب من الأقصى.

قرار منع الصلاة بالمسجد الأقصى أثار ردود فعل فلسطينية غاضبة على المستويات الرسمية والشعبية، في حين توالت الدعوات والنداءات العاجلة للتوجّه نحو الأقصى والرباط فيه وبمحيطه للتصدّي لقرار الاحتلال الأخير، ورفض سياسة الأمر الواقع المفروضة على المقدسات الإسلامية.

اقرأ أيضاً :

صبري: منع الصلاة بالأقصى اعتداء خطير وجزء من مخطط إسرائيلي

– تصعيد إسرائيلي وتحدٍّ فلسطيني

عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، أكد أن سلطات الاحتلال بدأت فعلياً بخطوات إغلاق الأقصى بشكل كامل، واحتجزت كافة الحراس وعمال وموظفي الأوقاف في المسجد، وطالبت رسمياً بتسلّم مفاتيحه.

وأوضح الكسواني لـ “الخليج أونلاين”، أن “هذا الإجراء هو الأخطر والأكبر منذ سنوات ضد المسجد الأقصى، ويعني فعلياً أن الاحتلال هو من سيتولّى المسؤولية بالكامل عليه خلال الأيام المقبلة، وسيمنع إقامة الصلاة فيه، وهذا تعدٍّ وتصعيد لا يمكن القبول به”.

وأشار إلى أن الأوضاع الآن في محيط المسجد الأقصى متوتّرة للغاية، وخطوات الاحتلال تدفع للتصعيد الخطير المقبل، في ظل الدعوات العاجلة التي خرجت لكل الفلسطينيين والمقدسيين للرباط نحو الأقصى ومحيطه، والتصدّي لخطوات الاحتلال.

وكشف الكسواني عن اتصالات سياسية ساخنة تجري مع الجهات المعنيّة، وخاصة الأردن والمغرب؛ للضغط على الاحتلال ووقف تصعيده الأخير والخطير، في محاولة للسيطرة على الأوضاع وإعادة تسلّم مفاتيح الأقصى قبل تفجّرها.

بدوره، وجّه المفتي الفلسطيني، الشيخ محمد حسين، نداءً عاجلاً إلى كافة الفلسطينيين والمقدسيين بالنزول إلى الشوارع والتواجد على الحواجز والساحات لإقامة صلاة الجمعة، وشد الرحال للأقصى للرباط فيه، والتصدّي لقرار الاحتلال الأخير.

وأكد حسين لـ “الخليج أونلاين”، أن هذا القرار يجب أن يقوم كل فلسطيني ومسلم شريف بالتصدّي له بكل قوة، ومنع تنفيذه على أرض الواقع؛ بالرباط في محيط المسجد الأقصى، ورفض الخضوع لسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها حكومة الاحتلال على الأقصى.

وشدّد المفتي الفلسطيني، والذي منعته الشرطة الإسرائيلية من دخول المسجد الأقصى اليوم عقب العملية، على أنه لا توجد قوة على هذه الأرض ستمنعنا من الصلاة في الأقصى، والمسجد المبارك لن يُترك وحيداً، وسيدافع عنه كل فلسطيني ومسلم شريف، ويتصدّى لمخططات الاحتلال للسيطرة عليه.

كما أكّدت حركة “فتح” أن قرار إغلاق الأقصى تصعيد خطير مرفوض ومدان، داعيةً أبناء الشعب الفلسطيني إلى شد الرحال للأقصى المبارك والرباط فيه.

الغضب الفلسطيني على قرار إغلاق الأقصى انتقل إلى ساحة مواقع التواصل الاجتماعي، فأطلق مغرّدون هاشتاغ “انزل_صلي_بالأقصى”، رداً على التصعيد الإسرائيلي، ودعوة الفلسطينيين لشدّ الرحال نحو الأقصى.

وتعتبر هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الاحتلال منع إقامة صلاة الجمعة في الأقصى، منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس في العام 1967.

ففي 21 أغسطس 1969، اقتحم متطرّف أسترالي الجنسية، يدعى دينس مايكل، المسجد الأقصى من باب المغاربة، وأشعل النار في المصلى القبلي بالمسجد الأقصى، ومنعت حينها إسرائيل أداء صلاة الجمعة في رحاب الأقصى، وأغلقت الأبواب، وكانت تلك المرة الأولى التي تمنع فيها من قيام صلاة، منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وخشيت سلطات الاحتلال حينها من ردة فعل قوية عقب الحريق، وصرّحت رئيسة وزراء الاحتلال في حينه، غولدا مائير، على الموقف العربي قائلة: “عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سباتٍ عميق”.

اقرأ أيضاً :

4 شهداء فلسطينيين والاحتلال يمنع صلاة الجمعة بـ”الأقصى”

– قبل ساعة الانفجار

من جانبه، حذّر الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك، من مخططات جديدة تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرضها على المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، بعد عملية القدس، مؤكداً أن الاحتلال سيحاول استغلال التوتّر السائد لفرض سياسة تصعيدية جديدة ضد المدينة والمسجد الأقصى.

واعتبر الشيخ صبري، في تصريحات لـ “الخليج أونلاين”، أن هذا الإجراء خطير وغير مسبوق، واعتداء مرفوض على حرية العبادة وعلى المقدسات الإسلامية في المدينة المقدسة، وجزء من المخططات “المبيّتة” لدى الاحتلال لفرض سياسته التصعيدية ضد المسجد المبارك؛ لوضع يده عليه بشكل كامل.

ووجّه الشيخ صبري نداء عاجلاً لكافة الفلسطينيين والمقدسيين بالتحرّك العاجل نحو المسجد الأقصى والرباط فيه، والصلاة داخل باحاته، أو على الحواجز التي ينصبها الاحتلال، رغم القرار الذي صدر بمنع الصلاة بالمسجد الأقصى.

كما دعا لتحرّك سياسي ودبلوماسي فلسطيني وعربي وإسلامي عاجل، لوقف التصعيد الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى المبارك، الذي تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية، وينتهك حرمة المقدسات والعبادات.

وعقب “عملية الأقصى”، حوّلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مدينة القدس المحتلة وبلدتها القديمة إلى ثكنة عسكرية، وأغلق جنود الاحتلال مداخل البلدة القديمة، ومنعوا المواطنين من الدخول أو الخروج، ووضعوا السواتر الحديدية على محيط أبواب البلدة القديمة، وسط توتّر شديد يسود شوارع وأزقّة المدينة.

وشرعت منظمات وأحزاب يهودية بحملة تحريض واسعة بحق المسجد الأقصى المبارك والمصلين، ونقلت القناة العبرية السابعة عن عضو “الكنيست”، من حزب “البيت اليهودي” (موتي يوغاف)، دعوته عقب العملية إلى إغلاق المسجد الأقصى بوجه المسلمين بصفة دائمة، في حين قالت ما تسمّى “منظمة جبل الهيكل”: إن “الرد على عملية القدس سيكون عبر زيادة البناء وزيادة ساعات الاقتحام للأقصى”.

وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان: “إن عملية القدس خطيرة جداً وقد تجاوزت الخطوط الحمراء”، ونقلت مصادر عبرية عن أردان قوله:” هذه العملية تفرض علينا إعادة النظر ودراسة كافة أسس الأمن والحراسة في منطقة المسجد الأقصى”.